والفيوضات ، وحمد الله لا يُدرك أبداً ، لأنّ الناقص لا يدرك كمالات المطلق ، وقد ورد في الآثار المعتبرة عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله : لا أُحصي ثناءً عليك ، أنت كما أثنيتَ على نفسك (١).
ويصوّر لنا الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام في مناجاة الشاكرين من الصحيفة السجّادية التي هي زبور آل محمّد بحقّ وجدارة ، أنّ إدراك شكره وحمده سبحانه ممّا لا يُدرك ، لأنّ ذلك ممّا سوف يوقعنا في التسلسل الذي لا ينتهي إلى حدٍ أو نقطةٍ ما ....
قال عليه السلام : فآلاؤك جَمَّةق ضَعُفَ لساني عن إحصائها ، ونَعماؤك كثيرة قَصُر فَهْمي عن إدراكها ، فضلاً عنِ استقصائها ، فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إيّاك يفتقر إلى شكر ، فكلّما قلت لك الحمد ، وجب عَلَيّ لذلك أن أقول لك الحمد (٢).
القارئ العزيز يتنفّس أريج التواضع ، ويشمّ رائحة الانكسار والتذلّل أمام عظمة الله سبحانه حين التوجّه إليه بالدعاء. ونكاد نرى أنّه عليه السلام يذوب في الله حبّاً وشوقاً ، ورغبةً ورهبة ، فنقف والحيرة تضرب علينا بجرانها أمام خشوعه عليه السلام وورعه ، وصفاء فطرته ، ومتانة عقله. فإنّ التواضع أمام الله سبحانه يكاد يُميّز هذا الدعاء عن غيره بهذه السمة.
في التواضع
التواضع هو التذلل والتخشّع ، فنقول : فلان تواضع ، أي تذلّل وتَخشّع ، والخشوع هذا من مظاهر الذلّة في النفس والحطّ من قدره ، وهو ليس في الواقع وضيعاً ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٣ : ٣٢٤ / ح ١٢.
٢ ـ الصحيفة السجّادية : ٤١٠.