المبحث الثامن : في النجاة
نعود إلى قوله عليه السلام : وَمِنْ اَيْنَ لِيَ النَّجاةُ يا رَبِّ وَلا تُسْتَطاعُ إلّا بِكَ.
لقد خلق الله الإنسان ورسم له منهاج حياته ، وأقام عليه الحجّة البالغة ليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حيّ عن بيّنة ، والإنسان تركيبة مختلطة من جسد وشهوة وعقل ، وهذا ما جعله محطّ الابتلاء وموضع الاختبار والامتحان.
وهنالك سنن وأسباب خارجة عن إرادته ، كالأسباب الطبيعيّة ونحوها ، فهو يخوض غمار حياته مصارعاً مكابداً صنوف الابتلاء. وحين يقع في الشدائد نراه يتوجّه بلسان الحال والافتقار إلى ربّه لينجيه وفق سنن الأسباب والنواميس ، ووفق الحِكم والمصالح التي يراها هو سبحانه.
قال تعالى : (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّـهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ) (١).
فالله سبحانه هو المدعوّ لتخليص الإنسان في شدائده عندما يتعرّض للمرض والسطو المسلّح ، والطوفان والغرق ، وصنوف المكاره والأهوال ، من صاعقة وخسف وريح عاتية ، والابتلاء بالطغاة وسلاطين الجور أو السفلة من الناس ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الأنعام : ٦٣ ـ ٦٤.