والدعاء أحد مفاتيح الخلاص في مثل هذه الشدائد والابتلاءات.
روي في الآثار أنّ ثلاثة خرجوا للريادة لقومهم ، أي لاستكشاف مواطن العشب ، فأمطرت السماء مطراً شديداً ، فدخلوا كهفاً للاحتماء من المطر ، وتدحرجت صخرة عظيمة وأغلقت باب الكهف عليهم ، فلجؤوا إلى الدعاء والتوسّل.
فقال أحدهم : يا ربّ ، لقد عمل عندي عمّال نهاراً كاملاً ، ولكنّ أحدهم عَمِل نصف نهار ، وكان عمله بجدّ ومثابرة فأعطيته مثل ما أعطيت لغيره فاعترض أحدهم ورفض أخذ أجرته وذهب ولا أعرف مكانه ، فاشتريت له بقرة بذلك الحقّ الذي له ثمّ أنتجت حتّى صار عندي منها قطيع ، وبعد عشرات السنين جاءني شيخ كبير فقال : أتعرفني؟ قلت : لا.
فقال : أنا العامل الذي ترك أُجرته عندك ، فأعطِنيها الآن ، فقلتُ له : خذ هذا القطيع كلّه. اَللّهمّ فإن كان هذا العمل مقبولاً عندك ، فأخرجنا من هذه الشدّة. فانفلقت الصخرة حتّى بان النور.
وقال الثاني : مرّت على الناس مجاعة شديدة ، وجاءتني امرأة تبكي تطلب المساعدة ، فأبيت إلّا أن تبذل نفسها لي فأبت ، ثمّ عادت وطالبتُها بالشيء نفسه فرفضت ، ثمّ عادت ثالثة وهي تبكي وترتجف وقد وافقت ، فقلت لها : إنّط ترتجفين مع الاضطرار والشدّة ، وأنا غير خائف مع الاختيار والرخاء! فعفوت عنها وأعطيتها ما طالبت ، فإن كان ذلك العمل يا ربّ عندك مقبولاً ، فاكشف عنّا هذه الصخرة ، فتزحزحت من مكانها.
وقال الثالث : يا ربّ ، كان لي والدان كبيران أرعاهما وأسقيهما الحليب ، وفي ليلة جئت متأخّراً وكانا نائمين فخفت أن أوقظهما ، فوقفت على رأسيهما حاملاً الحليب حتّى طلع الفجر فانتبها وسقيتهما ، فإن كان ذلك العمل عندك مقبولاً