والنعم المتواصلة التي لا تُعدّ ولا تُحصى قد تبعث الغفلة في النفس ، وهذه من الصفات المذمومة التي قد تقود إلى سلوكيّات سلبيّة لا تتفق مع روح الدين ، وتتنافى مع صفات المؤمنين ، والمفروض أنّ هذه النعم والمواهب تقود إلى الذِّكر والشكر لا إلى الغفلة والنسيان.
في الذِّكر
إنَّ الله سبحانه منَّ على عباده بإنزال الشرائع وإرسال الرسل لبناء الأمّة التي لها حقّ القوامة على البشريّة ، الأمّة التي لها مؤهّلات الأفضليّة على غيرها بالقيم والفضائل ومكارم الأخلاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ) (١).
وهذا أوّل ذكره لنا سبحانه ، والذكر قد يكون لفظيّاً وقد يكون قلبيّاً.
واللفظيّ منه أحد مراتب الذكر القلبيّ ومنبعث عنه ، أمّا الذكر القلبيّ فهو الذي وصفه الله سبحانه حيث قال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّـهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (٢).
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (٣).
وقال الله سبحانه وتعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) (٤).
والارتقاء إلى مراتب الذاكرين يحتاج إلى تربية خاصّة ، ومجاهدة نفسيّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ آل عمران : ١١٠.
٢ ـ الرعد : ٢٨ ـ ٢٩.
٣ ـ الأحزاب : ٤١ ـ ٤٢.
٤ ـ البقرة : ١٥٢.