المبحث الرابع والأربعون : في العزّة
قال عليه السلام : يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، فَوَ عِزَّتِكَ يا سَيِّدي ، لَوْ نَهَرْتَني ما بَرِحْتُ مِنْ بابِكَ ، وَلا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ ، لِمَا انْتَهى اِلَيَّ مِنَ الْمَعْرِفَوِ بِجُودِكَ وَكَرِمَك ، وَاَنْتَ الْفاعِلُ لِما تَشاءُ تُعَذِّبُ مَنْ تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ ، وَتَرْحَمُ مَنْ تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ ، لا تُسْأَلُ عَنْ فِعْلِكَ ، وَلا تُنازِعُ في مُلْكِكَ ، وَلا تُشارَكُ في اَمْرِكَ ، وَلا تُضادُّ في حُكْمِكَ ، وَلا يَعْتَرِضُ عَلَيْكَ اَحَدٌ في تَدْبيرِكَ ، لَكَ الْخَلْقُ وَالْاَمْرُ ، تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمينَ.
يعود الإمام عليه السلام ثانية ليطرق باب الربوبيّة بالثناء وذِكر الصفات الجماليّة والجلاليّة ، حيث يصفه بالجود والكرم والمغفرة والرحمة الواسعة ، ويصوّر عليه السلام أنّ الداعي هو ذلك الطريد اللاجئ إلى ربّه بعد أن انقطعت به السبل ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وظنّ أنْ لا ملجأ من الله إلّا إليه. لقد تعرّض لربّه قاصداً نيل فضله ، وطلب معروفه ، والفوز بجوائزه وعطاياه ومواهبه الجزيلة التي يمنّ بها على العباد. إنّه عليه السلام يصوّر الاعي أنّه يقف بسفينة رجائه على ساحل بحر جود الله وكرمه ، يرجو الجواز إلى ساحة رحمته ونعمته ، يرجو أن ينقذه من الغرق في بحر ذنوبه وآثامه.
ثمّ يعترف أمام ساحة العظمة والكبرياء بأنَّ الخلق والأمر كلّهما لله ، يفعل ما يشاء ،