وأمّا عبادة الله طمعاً في الجنّة ، وخوفاً من النار ، وطلباً للتوسعة في الرزق ، أو لقضاء حاجة ، أو لدفع عدوّ أو ضرر ، فإنّ هذا لا ينافي الداعي القربيّ إلى الله تعالى ، لأنّ الإتيان بتلك العبادة هو الوسيلة لنيل تلك المطالب ، ولكنّه لا يرقى إلى درجة الإخلاص.
وقد جاء الشارع المقدّس بأحكام إرشاديّة ، تدعو إلى ما حكم به العقل والفطرة ، مثل : حُسن العدل وقُبح الظلم ، ووجوب شكر المنعم ، ومثل برّ الوالدين وحرمة عقوقهما.
وهناك أحكام مولويّة تأسيسيّة خارجة عن دائرة العقل البشريّ ، تكفّل الشارع برسمها وتحديدها وضبط صغرياتها ، كالصلاة وحدودها ، والحجّ وأحكامه ، والصوم ومقوّماته وشرائطه.
في جواز قضاء العبادات عن الأموات
لعلّ سائلاً يسأل فيقول : إنّ الله تعالى يقول في محكم كتابه : (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ) (١) ، فكيف أفتى الفقهاء في كبتهم بجواز قضاء فوائت الميّت ، من صلاة أو صوم أو حجّ ، وربّما أمر بها الشارع على نحو الوجوب ، كما في الولد الأكبر الذكر إذا فات والدَه ذلك؟ يضاف إلى ذلك عدّة تساؤلات أُخرى :
١. كيف يحصل تمشّي قصد القربة من النائب ، والعمل العباديّ موقوف عليه ، علماّ أنّ معظم صلاة النيابة مثلاً موقوف على أخذ الأُجرة ، إذ يندر أن يؤدّي النائب العبادات عمّا في ذمّة الميّت من باب الإحسان والتبرّع؟
وكيف يصل الثواب إلى الميّت عن عمل لم يقم به ، ولم يتحقّق فيه مبدأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ النجم : ٣٩.