ثمَّ قال : أدنوه منّي ، فأُدني منه ، فاعترض وجهَه بالقضيب ، فلم يزل يضرب به أنفه وجبينه ووجهه وخدَّه حتّى كسر أنفه وسالت الدماء على وجهه ولحيته ، ونثر لحم جبينه وخدّه على لحيته ... ثمَّ قال : أخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه (١).
هذا وقد تحدّثنا في المبحث السابع والعشرين عن حسن الظنّ ، ونعود هنا لإكمال موضوع الظنّ بالتحدّث حول بعض القضايا الدقيقة التي قد تلتبس على بعض إخواننا وأبنائنا المؤمنين.
الظنّ : اسم لما يحصل عن أَمارة ، ومتى قَوِيَت أدّت إلى العلم ، ومتى ضعفت جدّاً لم يتجاوز الظنُّ التوهّم ، وقد يُراد بالظنّ اليقين ، كما في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ) (٢) ، وكذا قوله سبحانه : (وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ) (٣) ، أي : تيقّن.
وقد يأتي بمعنى العلم ، كما في قوله تعالى : (وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا) (٤) ، وقال سبحانه : (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ) (٥) ، أي عَلِم. ويأتي بمعنى الاعتقاد والتيقّن ، كما في قوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم) (٦).
والظنّ في كثير من الأمور مذموم ، ولذلك قال تعالى : (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) (٧). انتهى ما قاله الراغب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الإرشاد للمفيد ٢ : ٤٥.
٢ ـ البقرة : ٤٦.
٣ ـ القيامة : ٢٨.
٤ ـ يونس : ٢٤.
٥ ـ سورة ص : ٢٤.
٦ ـ الحشر : ٢.
٧ ـ يونس : ٣٦.