ومن أعظم موارد الإيثار هو الجود بالنفس لأجل الآخرين فيما يُرضي الله سبحانه ، وقد مثّل ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه بأجلى صورة عندما أقدَمَ على أن يفتدي النبيَّ صلى الله عليه وآله وينام في فراشه ليلة الهجرة ليقيه بنفسه ، وفي ذلك باهى الله الملائكة ، وأنزل فيه : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ) (١).
ونعم ما قيل في هذا المقام : والجودُ بالنفسِ أقصى غايةِ الجُودِ (٢).
ومن الآيات التي نزلت في الإيثار قوله تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) ، وهي نازلة في الإمام عليّ والصدّيقة فاطمة والسبطين الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ، حتّى قال رسول الله صلى الله عليه وآله للإمام عليّ عليه السلام ، لقد عَجِب الربُّ من فعلِكُم البارحة! (٣)
والحمد لله ربّ العالمين وصلّى على محمّد وآله الطاهرين المعصومين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ البقرة ٢٠٧ ، يراجع في تفسير الآية المباركة هذه : المستدرك على الصحيحن للحاكم النيسابوري الشافعي ٣ : ٤ ، تفسير القرطبي ٣ : ٣٤٧ ، اُسد الغابة ٤ : ٢٥ ، كفاية الطالب : ١١٤ ، ذخائر العقبى : ٨٨ ، نور الأبصار : ٨٦ ، الفصول المهمّة : ٣٣ ، تذكرة خواصّ الأمّة : ٢١ ، وعشرات المصادر مجمعةً على نزولها في أمير المؤمنين عليه السلام.
٢ ـ تاريخ الإسلام للذهبيّ ١٣ : ٣٩٢.
٣ ـ يراجع في تفسير الآية على سبيل المثال : شواهد التنزيل لقواعد التفضيل للحاكم الحسكاني الحنفي ٢ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، وجميع التفاسير الشيعية والكتب الحديثيّة التي تطرّقت للآية ، منها : مناقب آل أبي طالب ٢ : ٨٧ ـ ط دار الأضواء ، عن تفسير أبي يوسف ، وأمالي الشيخ المفيد.