وإذا نُسبت الحسنة إلى الله فمن جهة التوفيق ولاتمكين ، وإذا نُسبت السيّئة إليه فمن جهة سلب التوفيق والخذلان والإخزاء على نحو المجازاة ، وكلّ هذه من الأمور العدميّة.
يقول السيّد صاحب «الميزان» قدس سره : فالحقّ الحقيق بالتصديق أنّ الأفعال الإنسانيّة لها نسبة إلى الفاعل «الإنسان» ونسبة إلى الواجب «الله» ، وإحدى النسبتين لا توجب بطلان الأُخرى ، لكونهما طوليّتين لا عرضيّتين.
قال الإمام الرضا عليه السلام : إنّ الله تبارك وتعالى لا يُوصف بالترك كما يوصف خَلقه ، لكنّه متى علم أنّهم لا يرجعون عن الكفر والضلال منعهم المعاونة واللطف ، وخلّى بينهم وبين اختيارهم (١).
وقال عليه السلام أيضاً : قال الله تعالى : يا ابن آدم بمشيّتي كنتَ أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوّتي أدّيتَ إليَّ فرائضي ، وبنعمتي قَوِيتَ على معصيتي ، جعلتُك سميعاً بصيراً قويّاً ، ما أصابك من حسنةٍ فَمِن الله ، وما أصابك من سيّئة فمن نفسك ، وذلك أنّي أَولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيّئاتك منّي ، وذلك أنّى لا أُسأل عمّا أفعل وهم يُسألون ، فقد نَظَمتُ لك كلّ شيء تريد (٢).
إنّ النعم الإلهيّة التي منّ الله بها على عباده ؛ مؤمنهم وكافرهم ، صالحهم وطالحهم ، بارّهم وفاجرهم ، هذه النعم والموائد معروضة داخل إطار عالم التكوين ، وفي إطار عالم التشريع ، فنعمة الإيجاد ونعمة تسوية الخلق بأحسن تقويم ، ونعمة إرسال الرسل مبشّرين ومنذرين ، ونعمة تعاقب الليل والنهار ، وتعاقب الفصول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ١ : ١٢٣ / ح ١٦ ـ الباب ١١.
٢ ـ التوحيد : ٣٣٨ / ح ٦.