قَبْلُ) [البقرة : ٢٥] وقول الحطيئة يوم يلقى ربه ، وقوله تعالى : (لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) [إبراهيم : ٢٢] لأن قضاء الأمر إنما يكون يوم القيامة.
[٥١٣] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) [إبراهيم : ٢٧] وقد رأينا كثيرا من الظالمين هداهم الله بالإسلام وبالتوبة وصاروا من الأتقياء؟
قلنا : معناه أنه لا يهديهم ما داموا مصرين على الكفر والظلم معرضين عن النظر والاستدلال.
الثاني : أن المراد منه الظالم الذي سبق له القضاء في الأزل أنه يموت على الظلم ، فالله تعالى يثبته على الضلالة لخذلانه ، كما يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت وهو كلمة التوحيد.
الثالث : أن معناه : أن يضل المشركين عن طريق الجنة يوم القيامة.
[٥١٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) [إبراهيم : ٣٠] والضلال والإضلال لم يكن غرضهم في اتخاذ الأنداد وهي الأصنام ، وإنما عبدوها لتقربهم إلى الله تعالى ، كما حكى الله تعالى عنهم ذلك بقوله : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣]؟
قلنا : قد شرحنا ذلك في سورة يونس عليهالسلام إذ قلنا هذه لام العاقبة والصيرورة لا لام الغرض ، والمقصود كما في قوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) [القصص : ٨] وقول الشاعر :
لدوا للموت وابنوا للخراب
وقول الآخر :
فللموت تغذو الوالدات سخالها |
|
كما لخراب الدّهر تبنى المساكن |
والمعنى فيه أنّهم لمّا أفضى بهم اتخاذ الأنداد إلى الضّلال أو الإضلال صار كأنّهم اتخذوها لذلك ، وكذا الالتقاط والولادة والبناء ، ونظائره كثيرة في القرآن العزيز وفي كلام العرب.
[٥١٥] فإن قيل : كيف طابق الأمر بإقامة الصلاة وإنفاق المال وصف اليوم بأنه لا بيع فيه ولا خلال؟
قلنا : معناه قل لهم يقدمون من الصلوات والصدقة متجرا يجدون ربحه يوم لا
__________________
[٥١٤] الشطر من بيت لأبي العتاهية وقد تقدّم.
ـ البيت الثاني لم نقف على نسبته لقائل.
ـ سخالها : مفردها سخل وهو ولد الشاة قبل أن يفطم.