واستأنس بها فكان إلفه لمثلها من خوارق العادات سببا لقلة اهتمامه بتلك الأعجوبة وعدم اكتراثه لها.
[٦٣١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها) [الكهف : ٧١] بغير فاء و (حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) [الكهف : ٧٤] بالفاء؟
قلنا : جعل خرقها جزءا للشرط فلم يحتج إلى الفاء كقولك إذا ركب زيد الفرس عقره ، وجعل قتل الغلام من جملة الشرط فعطفه عليه بالفاء والجزاء قال أقتلت ، كقولك : إذا ركب زيد الفرس فعقره ، قال له صاحبه أعقرته؟
[٦٣٢] فإن قيل : كيف خولف بين القصتين؟
قلنا : لأن خرق السفينة لم يتعقب الركوب ، وقتل الغلام تعقب لقاءه.
[٦٣٣] فإن قيل : كيف قال الله تعالى في قصة الغلام : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) [الكهف : ٧٤] وفي قصة السفينة (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) [الكهف : ٧٤].
قلنا : قيل إمرا معناه نكرا ، فعلى هذا لا فرق في المعنى ؛ لأن الإمر والنكر بمعنى واحد.
وقيل : الإمر العجب أو الداهية وخرق السفينة كان أعظم من قتل نفس واحدة ، لأن في الأول هلاك كثيرين.
وقيل : النكر أعظم من الإمر فمعناه : جئت شيئا أنكر من الأول ؛ لأن ذلك كان يمكن تداركه بالسد وهذا لا يمكن تداركه.
[٦٣٤] فإن قيل : كيف قال تعالى ، في قصّة السفينة : (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ) [الكهف : ٧٢] وفي قصة الغلام : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ) [الكهف : ٧٥]؟
قلنا : لقصد زيادة المواجهة بالعتاب على رفض الوصية مرة ثانية والتنبيه على تكرر ترك الصبر والثبات.
[٦٣٥] فإن قيل : ما فائدة إعادة ذكر الأهل في قوله : (اسْتَطْعَما أَهْلَها) [الكهف : ٧٧] وهلّا قال استطعماهم ، لأنه قد سبق ذكر الأهل مرّة؟
قلنا : فائدة إعادته التأكيد لا غير.
[٦٣٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) [الكهف : ٧٧] نسب الإرادة إلى الجماد وهي من صفات من يعقل؟
__________________
[٦٣٦] البيت لم نقف على نسبته لقائل.
ـ البيت الثاني في ديوان حسان : ٥١٧.