[٦٧٦] فإن قيل : ما فائدة قول تعالى : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى) [طه : ٣٨] وهذا لا بيان فيه ، لأنه مجمل ، فما فائدته؟
قلنا : فائدته الإشارة إلى أنه ليس كل الأمور مما يوحى إلى النساء كالنبوة ونحوها ؛ بل بعضها.
الثاني : أنه للتأكيد كقوله تعالى : (فَغَشَّاها ما غَشَّى) [النجم : ٥٤] كأنه قال : إذ أوحينا إلى أمك إيحاء.
الثالث : أنه أبهمه أولا للتفخيم والتعظيم ، ثم بينه وأوضحه بقوله تعالى : (أَنِ اقْذِفِيهِ) [طه : ٣٩] الآية.
[٦٧٧] فإن قيل : كيف قدم هارون على موسى عليهماالسلام في قوله تعالى : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) [طه : ٧٠] وهارون كان وزيرا لموسى عليهماالسلام وتبعا له ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) [الفرقان : ٣٥].
قلنا : إنما قدمه ليقع موسى مؤخرا في اللفظ فيناسب الفواصل أعني رءوس الآيات.
[٦٧٨] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) [طه : ٧٤] والموت والحياة صفتان من صفات الإنسان وهما نقيضان ، فكيف يرتفعان؟
قلنا : المراد لا يموت فيها موتا يستريح به ، ولا يحيا حياة تنفعه ويستلذ بها.
الثاني : أن المراد لا يموت فيها موتا متصلا ولا يحيا حياة متصلة ؛ بل كلما مات من شدة العذاب أعيد حيّا ؛ ليذوق العذاب هكذا سبعين مرة في مقدار كل يوم من أيام الدنيا.
[٦٧٩] فإن قيل : الخوف والخشية واحد في اللغة ، فكيف قال تعالى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه : ٧٧]؟
قلنا : معناه لا تخاف دركا : أي لحاقا من فرعون ، ولا تخشى غرقا في البحر ، كما تقول : لا تخاف زيدا ولا تخشى عمرا ، ولو قلت ولا عمرا صح وكان أوجز ، ولكن إذا أعدت الفعل كان آكد. وأما في الآية فلما لم يكن مفعول الخشية مذكورا ذكر الفعل ثانيا ليكون دليلا عليه ، وخولف بين اللفظين رعاية للبلاغة.
وقيل معناه : لا تخاف دركا على نفسك ، ولا تخشى دركا على قومك. والأول عندي أرجح.
[٦٨٠] فإن قيل : قوله تعالى : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) [طه : ٧٩] يغني عن قوله تعالى : (وَما هَدى) [طه : ٧٩] ومفيد فوق فائدته فكيف ذكر معه؟