[٧١٥] فإن قيل : كيف قال تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) [الحج : ٣٩] أي بسبب كونهم مظلومين ، ولم يبيّن ما الشيء الذي أذن لهم فيه؟
قلنا : تقديره : أذن للذين يقاتلون في القتال ، وإنما حذف لدلالة يقاتلون عليه ولدلالة الحال أيضا ، فإن كفار مكة كانوا يؤذون المؤمنين بأنواع الأذى وهم يستأذنون النبي صلىاللهعليهوسلم في قتالهم ، فيقول : لم يؤذن لي في ذلك ، حتى هاجر إلى المدينة فنزلت هذه الآية ، وهي أول آية نزلت في الإذن في القتال ، فنسخت سبعين آية ناهية عن القتال ، كذا قاله ابن عباس رضي الله عنهما ؛ فكان المأذون فيه ظاهرا لكونه مترقبا منتظرا.
[٧١٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) [الحج : ٣٩] مع أنهم ما كانوا يقاتلون قبل نزول هذه الآية؟
قلنا : معناه أذن للذين يريدون أن يقاتلوا ، سماهم مقاتلين مجازا باعتبار ما يئولون إليه كما في النظائر ، وقرئ : (لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) بفتح التاء ، ولا إشكال على تلك القراءة.
[٧١٧] فإن قيل : كيف صح الاستثناء في قوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) [الحج : ٤٠]؟
قلنا : هو استثناء منقطع تقديره : لكن أخرجوا بقولهم ربنا الله.
الثاني : أنه بمنزلة قول الشاعر :
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب |
تقديره : إن كان فيهم عيب فهو هذا ، وليس بعيب فلا يكون هذا فيهم عيبا.
[٧١٨] فإن قيل : أي منّة على المؤمنين في حفظ الصوامع والبيع والصلوات ، أي الكنائس عن الهدم حتى امتن عليهم بذلك في قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) [الحج : ٤٠] الآية؟
قلنا : المنة في ذلك أن الصوامع والبيع والكنائس في حرم المسلمين وحراستهم وحفظهم ، لأن أهلها ذمة للمسلمين.
الثاني : أن المراد به لهدمت صوامع وبيع في زمن عيسى صلىاللهعليهوسلم ، وصلوات ، أي كنائس في زمن موسى صلىاللهعليهوسلم ، ومساجد في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فالامتنان على أهل الأديان الثلاثة لا على المؤمنين خاصة.
__________________
[٧١٧] البيت للنابغة الذبياني وقد تقدّم.