[٧١٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَكُذِّبَ مُوسى) [الحج : ٤٤] ولم يقل وقوم موسى ، كما قال الله تعالى فيما قبله؟
قلنا : لأن موسى عليهالسلام ما كذبه قومه بنو إسرائيل ، وإنما كذبه غير قومه وهم القبط.
الثاني : أن يكون التنكير والإبهام للتفخيم والتعظيم كأنه قال تعالى بعد ما ذكر تكذيب كل قوم رسولهم : وكذب موسى أيضا مع وضوح آياته وعظم معجزاته فما ظنك بغيره.
[٧٢٠] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج : ٤٦]؟
قلنا : فائدته المبالغة في التأكيد كما في قوله تعالى : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) [الأنعام : ٣٨] وقوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ) [الفتح : ١١] وما أشبه ذلك.
الثاني : أن القلب هنا يستعمل بمعنى العقل ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) [ق : ٣٧] أي عقل في أحد القولين ، فكان التقييد احترازا على قول من زعم أن العقل في الرأس.
[٧٢١] فإن قيل : المغفرة إنما تكون لمن يعمل السيئات لا لمن يعمل الصالحات والحسنات ، فكيف قال تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) [فاطر : ٧]؟
قلنا : المراد بالعمل الصالح هنا الإخلاص في الإيمان. قال الكلبي : كل موضع جاء في القرآن (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [البقرة : ٨٢] فالمراد به الإخلاص في الإيمان ، فيصير المعنى : فالذين آمنوا عن إخلاص تغفر لهم سيئاتهم.
[٧٢٢] فإن قيل : ما الفرق بين الرّسول والنبي ؛ مع أن كليهما مرسل بدليل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) [الحج : ٥٢].
قلنا : الفرق بينهما أن الرّسول من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من جمع له بين
__________________
[٧٢١] الكلبي : لعل المراد هو محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث الكلبي ، أبو النضر.
وهو نسّابة وراوية ومفسّر توفي سنة ١٤٦ ه.
[٧٢٢] البيت لعبد الله بن الزّبعري في ديوانه. وانظر الكامل للمبرّد ، شرح المرصفي : ٣ / ٢٣٤.
والبيت من الشواهد. ويروى ب «يا ليت» بدل «رأيت».
والتقدير : حاملا رمحا ، فحذف الفعل لأنه معروف بالسلاح الذي هو الرمح ونصبها بضمير الحمل المقدّر.