[٧٤٣] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) [النور : ٤٥] وبعض الدواب ليس مخلوقا من الماء كآدم عليهالسلام وناقة صالح وغيرهما؟
قلنا : المراد بهذا الماء : الماء الذي هو أصل جميع المخلوقات ، وذلك أن الله تعالى خلق قبل خلق الإنسان جوهرة ونظر إليها نظر هيبة فاستحالت ماء ، فخلق من ذلك الماء جميع الموجودات ، وقد سبق مثل هذا السؤال في قوله تعالى : (مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا) [الأنبياء : ٣٠].
[٧٤٤] فإن قيل : إذا كان الجواب هذا فما فائدة تخصيص الدابة بالذكر أو تخصيص الشيء الحي؟
قلنا : إنما خص الدابة بالذكر ؛ لأن القدرة فيه أظهر وأعجب منها في الجماد وغيره.
[٧٤٥] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) وقال تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) [النور : ٤٥] وهي مما لا يعقل؟
قلنا : لما كان اسم الدابة يتناول المميّز وغيره غلب المميّز على غيره فأجرى عليه لفظه.
[٧٤٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) [النور : ٤٥] وذلك إنما يسمى زحفا لا مشيا ، ولا يسمى مشيا إلا ما كان بالقوائم.
قلنا : هو مجاز بطريق المشابهة ، كما يقال : مشى هذا الأمر ، وفلان لا يتمشى له أمر ، وفلان ماشي الحال.
[٧٤٧] فإن قيل : كيف أمر الله تعالى بالاستئذان للأطفال الذين لم يبلغوا الحلم بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) [النور : ٥٨] أي من الأحرار؟
قلنا : هو في المعنى أمر للآباء والأمهات بتأديب الأطفال وتهذيبهم لا للأطفال.
[٧٤٨] فإن قيل : كيف أباح تعالى للقواعد من النساء وهن العجائز التجرد من الثياب بحضرة الرجال بقوله تعالى : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) [النور : ٦٠] الآية.
قلنا : المراد بالثياب هنا الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار لا جميع الثياب ، وقوله تعالى : (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) [النور : ٦٠] أي غير قاصدات بوضع الثياب الظاهرة إظهار زينتهن ومحاسنهن ؛ بل التخفيف ، ثم أعقبه بأن التعفف بترك الوضع خير لهن.
[٧٤٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ)
__________________
[٧٤٩] الحديث مروي عن عائشة. أخرجه أبو داود برقم ٣٥٣٠ ، وابن ماجة برقم ٢٢٩٢ ، وأحمد : ٦ / ٣١.