يكن في النار أحد ، بل لم يكن المرئي نارا ، وإنما كان نورا في قول الجمهور ، وقيل : كان نارا ثم انقلب نورا؟
قلنا : قال ابن عباس والحسن رضي الله عنهما : معناه قدس من ناداه من النار وهو الله عزوجل ، لا على معنى أن الله تعالى يحل في شيء ؛ بل على معنى أنه أسمعه النداء من النار في زعمه.
الثاني : أن من زائدة ؛ والتقدير بورك في النار وفيمن حولها ، وهو موسى عليهالسلام والملائكة.
الثالث : أن معناه بورك من في طلب النار ؛ وهو موسى عليهالسلام.
[٧٩٤] فإن قيل : إنما يقال بارك الله على كذا ، ولا يقال بارك الله كذا؟
قلنا : قال الفراء : العرب تقول باركه الله وبارك فيه وبارك عليه بمعنى واحد ، ومنه قوله تعالى : (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ) [الصافات : ١١٣] ولفظ التحيات : وبارك على محمد وعلى آل محمد.
[٧٩٥] فإن قيل : ما وجه صحة الاستثناء في قوله تعالى : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) [النمل : ١٠ ، ١١] الآية؟
قلنا : فيه وجوه :
أحدها : أنه استثناء منقطع بمعنى لكن.
الثاني : أنه استثناء متصل ، كذا قاله الحسن وقتادة ومقاتل رحمهمالله ، ومعناه : إلا من ظلم منهم بارتكاب الصّغيرة كآدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف وموسى وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنه يخاف مما فعل مع علمه أني غفور رحيم ، فيكون تقدير الكلام : إلا من ظلم منهم فإنه يخاف فمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ؛ ولهذا قال بعضهم : إن هنا وقفا على قوله : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) وابتداء الكلام الثاني محذوف كما قدرنا.
الثالث : أن «إلا» بمعنى ولا كما في قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [البقرة : ١٥٠] أي ولا الذين ظلموا منهم.
الرابع : أن تقديره : أني لا يخاف لديّ المرسلون ولا غير المرسلين (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) الآية.
[٧٩٦] فإن قيل : كيف قال سليمان عليهالسلام (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا) [النمل : ١٦] بنون العظمة وهو من كلام المتكبّرين؟
قلنا : لم يرد به نون العظمة ، وإنما أراد به نون الجمع وعنى نفسه وأباه.