قلنا : لئلا يكون الضمير الواحد عائدا على الله تعالى وغيره.
[٨٨٠] فإن قيل : كيف قال تعالى في وصف بني قريظة : (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) [الأحزاب : ٢٧] والله تعالى إنما ملكهم أرضهم بعد ما وطئوها وظهروا عليها؟
قلنا : معناه ويورثكم بطريق وضع الماضي موضع المستقبل مبالغة في تحقيق الموعود وتأكيده.
الثاني : أن فيه إضمارا تقديره : وأرضا لهم تطئوها سيورثكم إياها ، يعني أرض مكة ، وقيل أرض فارس والروم ، وقيل أرض خيبر ، وقيل كل أرض ظهر عليها المسلمون بعد ذلك إلى يوم القيامة.
الثالث : أن معناه وأورثكم ذلك كله في الأزل بكتابته لكم في اللّوح المحفوظ.
[٨٨١] فإن قيل : كيف خص الله تعالى نساء النبي صلىاللهعليهوسلم بتضعيف العقوبة على الذنب والمثوبة على الطاعة في قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الأحزاب : ٣٠] الآية؟
قلنا : أما تضعيف العقوبة فلأنهن يشاهدن من الزواجر الرادعة عن الذنوب ما لا يشاهد غيرهن.
الثاني : أن في معصيتهن أذى لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذنب من آذى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعظم من ذنب غيره ، والمراد بالفاحشة النشوز وسوء الخلق ، كذا قاله ابن عباس رضي الله عنهما. وأما تضعيف المثوبة فلأنهن أشرف من سائر النساء بقربهن من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكانت الطاعة منهن أشرف كما كانت المعصية منهن أقبح ، ونظير ذلك الوزير والنواب في طاعتهما للملك ومعصيتهما.
[٨٨٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) [الأحزاب : ٣٢] ولم يقل كواحدة من النساء؟
قلنا : قد سبق نظير هذا مرة في آخر سورة البقرة في قوله تعالى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة : ٢٨٥].
[٨٨٣] فإن قيل : كيف أمر الله تعالى نساء النبيّ بالزكاة في قوله تعالى : (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ) [الأحزاب : ٣٣] ولم يملكن نصابا حولا كاملا؟
قلنا : المراد بالزكاة هنا الصدقة النافلة ، والأمر أمر ندب.
[٨٨٤] فإن قيل : ما الفرق بين المسلم والمؤمن حتى عطف أحدهما على الآخر في قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [الأحزاب : ٣٥] مع أنهما متحدان شرعا؟