وقال آخر :
رماني بأمر كنت ووالدي |
|
بريئا ومن أجل الطّوي رماني |
الثاني : أنّ فعيلا يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع ، قال الله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤] وقيل : إنما لم يقل قعيدان رعاية لفواصل السورة.
[١٠٢٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (أَلْقِيا) [ق : ٢٤] ، والخطاب لواحد ، وهو مالك خازن النار؟
قلنا : فيه وجوه :
أحدها : ما قاله المبرّد أنّ تثنية الفاعل أقيمت مقام تثنية الفعل للتأكيد باتحادهما حكما ، كأنه قال : ألق ألق ؛ ونظيره قول امرئ القيس :
* قفا نبك ...
أي قف قف.
الثاني : أن العرب كثيرا ما يرافق الرجل منهم اثنين ، على ألسنتهم خطاب الاثنين فقالوا : خليلي وصاحبي وقفا واسمدا وعوجا ونحو ذلك. قال الفراء : سمعت ذلك من العرب كثيرا. قال وأنشدني بعضهم :
فقلت لصاحبيّ لا تحبسانا |
|
بنزع أصوله واجتزّ شيحا |
فقال لا تحبسانا والخطاب لواحد ، بدليل قوله لصاحبيّ. قال : وأنشدني أبو ثور :
فإن تزجراني يا ابن عفّان أنزجر |
|
وإن تدعاني أحم عرضا ممنّعا |
وقال امرؤ القيس :
خليليّ مرّا بي على أمّ جندب |
|
نقضي لبانات الفؤاد المعذّب |
ثم قال :
ألم تر أنّي كلّما جئت طارقا |
|
وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب |
__________________
[١٠٢٦] كلمة امرئ القيس من مطلع معلقته ، وهي في ديوانه.
ـ الشواهد الواردة في الوجه الثاني ينقلها الرّازي عن الفرّاء ، في معاني القرآن : ٣ / ٧٨ ـ ٧٩.
ولم ينسب الفرّاء البيت الذي أوّله : فقلت لصاحبي لا تحبسانا / واكتفى بالقول : «وأنشدني بعضهم» وينسب البيت إلى المضرّس بن ربعي الفقعسي. ويروى عجز البيت كما ذكر الفرّاء : «واجدزّ» بدل «واجتز» وهو من باب إبدال الدال من التاء ، ومنه لازم كما في ازدجر ، وادّكر ، وأصلهما : اذتكر ، واذتجر. ومنه جائز ، كما في الشاهد.
ـ قوله ـ حكاية لقول الفرّاء ـ وأنشدني أبو ثوبان ، في معاني القرآن : أبو ثروان.
ـ البيتان الأخيران لامرئ القيس في ديوانه : ٤١.