الثالث : أنه أمر للملكين اللذين سبق ذكرهما بقوله تعالى : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) [ق : ٢١].
[١٠٢٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (غَيْرَ بَعِيدٍ) [ق : ٣١] ، ولم يقل غير بعيدة وهو وصف للجنة؟
قلنا : لأنه على زنة المصادر كالزبير والصليل ، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث ، أو على حذف الموصوف ، أي مكانا غير بعيد ، وكلا الجوابين للزمخشري رحمهالله تعالى.
[١٠٢٨] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (غَيْرَ بَعِيدٍ) بعد قوله : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ) [ق : ٣١] بمعنى قربت؟
قلنا : فائدته التأكيد ، كقولهم : هو قريب غير بعيد ، وعزيز غير ذليل.
[١٠٢٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) [ق : ٣٧] ، وكل إنسان له قلب ؛ بل كل حيوان؟
قلنا : المراد بالقلب هنا العقل ، كذا قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. قال ابن قتيبة : لما كان القلب موضعا للعقل كنى به عن.
الثاني : أنّ المراد لمن كان له قلب واع ؛ لأن من لا يعي قلبه ، فكأنّه لا قلب له ؛ ويؤيد ذلك قوله تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) [الأعراف : ١٧٩] الآية.