[١١٨] فإن قيل : كيف قال ، هنا : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) [آل عمران : ١٣٥] وقال ، في موضع آخر : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى : ٣٧] ؛ وقال : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا) [الجاثية : ١٤]؟
قلنا : معناه ومن يستر الذنوب من جميع الوجوه إلّا الله ، ومثل هذا الغفران لا يوجد إلّا من الله.
[١١٩] فإن قيل : كيف قال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) [آل عمران : ١٤٤] ؛ وهلّا اقتصر على قوله : (أَفَإِنْ ماتَ) ؛ وكان القتل يدخل فيه ، فإنه موت؟
قلنا : القتل وإن كان موتا ، لكن إذا أطلق الميّت في العرف لا يفهم منه المقتول ؛ فلذلك عطف أحدهما على الآخر.
[١٢٠] فإن قيل : كيف قال : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران : ١٦١] ؛ وقال ، في موضع آخر : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) [الأنعام : ٩٤].
قلنا : معناه يأتي به مكتوبا في ديوانه ؛ أو يأتي به حاملا إثمه. ومعنى فرادى منفردين عن الأموال والأهل ؛ أو عن الشّركاء في الغيّ ؛ أو عن الآلهة المعبودة من دون الله. وتمام الآية يشهد للكلّ.
[١٢١] فإن قيل : قد جاء في الصحيحين ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّ الغالّ يأتي يوم القيامة حاملا عين ما غلّه على عنقه صامتا كان أو ناطقا ؛ هذا معنى الحديث ، فاندفع الجواب.
قلنا : على هذا يكون المراد بالآية الأخرى فرادى عن مال وأهل يعتزّون بهما ، ويستنصرون ؛ ويشهد بصحته تمام الآية.
[١٢٢] فإن قيل : كيف قال : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) [آل عمران : ١٦٣] والعبيد ليسوا نفس الدرجات؟
قلنا : فيه إضمار تقديره : هم ذوو درجات أو أهل درجات ؛ فحذف المراد لعدم الإلباس.
وقيل : المراد بالدرجات الطّبقات ؛ فلا يكون فيه إضمار ، معناه أنّهم طبقات عند الله متفاوتون كتفاوت الدّرجات.
[١٢٣] فإن قيل : كيف يجعل لكلّ الفريقين درجات ، وأحد الفريقين لهم دركات لا درجات؟
قلنا : الدّرجات تستعمل في الفريقين ؛ بدليل قوله تعالى ، في سورة الأحقاف ، بعد ذكر الفريقين : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) [الأنعام : ١٣٢] وتحقيقه أنّ بعض