[١٣٠] فإن قيل : كيف قال : (سَمِعْنا مُنادِياً) [آل عمران : ١٩٣] ، والمسموع نداء المنادي لا نفس المنادي؟
قلنا : لما قال مناديا ينادي ، صار تقديره : نداء مناد ، كما يقال : سمعت زيدا يقول كذا ، أي سمعت قول زيد ، فمناديا مفعول سمع ، وينادي حال دالّة على محذوف مضاف للمفعول.
[١٣١] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) [آل عمران : ١٩٣] وتكفير السيئات داخل في غفران الذّنوب؟
قلنا : المعنى مختلف ؛ لأنّ الغفران مجرد فضل ، والتكفير محو السيئات بالحسنات.
[١٣٢] فإن قيل : ما فائدة قولهم : (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) [آل عمران : ١٩٣] ؛ مع أنّهم لا ينفعهم توفّيهم مع الأبرار ؛ بل النافع لهم كونهم من الأبرار ؛ سواء توفّاهم معهم ، أو قبلهم ، أو بعدهم؟
قلنا : معناه وتوفّنا مخصوصين بصحبتهم معدودين في جملتهم ، كما يقال :
أعطاني الأمير مع أصحاب الخلع والجوائز ، أي جعلني من جملتهم ؛ وإن تقدّم إعطاؤه عنهم أو تأخّر.
[١٣٣] فإن قيل : كيف قال : (وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) [آل عمران : ١٩٤] ، أي على لسان رسلك. دعوه بإنجاز الوعد ، مع علمهم ، وقولهم ، أيضا : إنه لا يخلف الميعاد؟
قلنا : الوعد من الله تعالى على ألسنة الرّسل للمؤمنين عامّ ، يحتمل أن يراد به الخصوص ، كما في أكثر عمومات القرآن ؛ فسألوا الله تعالى أن يجعلهم من الدّاخلين في حكم الوعد.
الثاني : أنهم سألوا تعجيل النصر الّذي وعدوا ؛ فإنه تعالى وعدهم النصر على أعدائهم ، غير موقّت بوقت خاصّ.
[١٣٤] فإن قيل : كيف يجوز أن يغترّ الرسول بنعم الذين كفروا حتّى نهي عن الاغترار ، بقوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) [آل عمران : ١٩٦] ، أي تصرّفهم فيها بالتجارات متنعّمين؟
قلنا : معناه لا يغرنّكم أيّها المؤمنون ، فإن رئيس القوم ومقدّمهم يخاطب بشيء ، والمراد به أتباعه وجماعته.
الثاني : أنه عليه الصلاة والسلام كان غير مغترّ بحالهم ؛ فقيل له ذلك تأكيدا