مولى جميع الخلائق. وقال ، في موضع آخر : (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) [محمد : ١١].
قلنا : المولى الأول بمعنى المالك أو الخالق أو المعبود ، والمولى الثاني بمعنى الناصر فلا تنافي بينهما.
[٢٨٨] فإن قيل : كيف خص كون (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ) [الأنعام : ٧٣] بيوم القيامة ، فقال : (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) [الأنعام : ٧٣] ؛ مع أن قوله الحق في كل وقت وله الملك في كل زمان؟
قلنا : لأن ذلك اليوم ليس لغيره فيه ملك بوجه من الوجوه ، وفي الدنيا لغيره ملك خلافة عنه أو هبة منه وإنعاما بدليل قوله تعالى في حقّ داود عليهالسلام : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) [البقرة : ٢٥١] وقوله : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٤٧] وقوله في ذلك اليوم هو الحق الذي لا يدفعه أحد من العباد ، ولا يشك فيه شاكّ من أهل العناد ، لانكشاف الغطاء فيه للكل ، وانقطاع الدعاوى والخصومات ، ونظيره قوله تعالى : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩] وإن كان الأمر له في كل زمان ، وكذا قوله تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) [غافر : ١٦]؟
[٢٨٩] فإن قيل : كيف قال تعالى في معرض الامتنان : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) [الأنعام : ٨٤] ولم يذكر إسماعيل ؛ مع أنه كان هو الابن الأكبر؟
قلنا : لأن إسحاق وهب له من حرة وإسماعيل من أمة ، وإسحاق وهب له من عجوز عقيم ؛ فكانت المنّة فيه أظهر.
[٢٩٠] فإن قيل : كيف قال في وصف القرآن : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [الأنعام : ٩٢] وكثير ممن يؤمن بالآخرة من اليهود والنصارى وغيرهم لا يؤمن به؟
قلنا : معناه والذين يؤمنون بالآخرة إيمانا نافعا مقبولا هم الذين يؤمنون به إما تصديقا به قبل إنزاله لما بشر به موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ، أو اتباعا له بعد إنزاله والأمر كذلك ، فإنّ من لم يصدق موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام في بشارتهما بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبالقرآن أو كان بعد بعثه ولم يؤمن به فإيمانه بالآخرة غير معتدّ به ولا معتبر.
[٢٩١] فإن قيل : كيف أفرد قوله تعالى : (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَ) [الأنعام : ٩٣] بالذكر بعد قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) [الأنعام : ٢١] وذلك أيضا افتراء؟
قلنا : لأن الأول عام والثاني خاص ، والمقصود الإنكار فيهما ، ولا يلزم من وجود العام وجود الخاص ، ولكن يلزم من الذم على العام وإنكاره الذم على الخاص وإنكاره لا محالة ، وما نحن فيه من هذا القبيل. والجواب المحقق أن يقال : إن هذا