التي تحصل لكم من ذلك كله. (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) ، فليست المسألة في قيام الحجة عليهم عند الله أنهم يحدثون المسلمين بما في التوراة ، بل المسألة هي المعرفة التي يملكونها ، فيتحملون مسئولياتها تجاه أنفسهم وتجاه الناس الآخرين في الإقرار بالحق ، والإيمان به ، والدعوة إليه في كل مكان وزمان ... وقد جاء في مجمع البيان : روي عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنه قال : كان قوم من اليهود ، ليسوا من المعاندين المتواطئين ، إذا لقوا المسلمين ، حدثوهم بما في التوراة من صفة محمد ، فنهاهم كبراؤهم عن ذلك وقالوا : لا تخبروهم بما في التوراة من صفة محمد ، فيحاجّوكم به عند ربكم ، فنزلت هذه الآية (١).
* * *
التوراة والمحرفون
ثم يتحدث الله عن بعض نماذج أهل الكتاب المعاصرين للدعوة الإسلامية ، فمنهم «أميّون» لم يأخذوا من العلم بشيء ، ولا يملكون أيّة معرفة بالكتاب إلا من خلال التمنيات التي تجعلهم يشعرون بالتفوق على الآخرين في الدنيا والآخرة ، لأنهم «شعب الله المختار» من دون أيّة معرفة يقينية ، وليس لهم من ذلك إلا الظن الذي لا يغني من الحق شيئا.
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ) لا يملكون المعرفة الواسعة العميقة التي تربطهم بالحقائق التي يحتويها الكتاب ، لأنهم يقفون عند المعاني الساذجة للكلمات ، ولا ينفذون إلى أعماقها (لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ). ربما يراد من كلمة
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٢٨٦.