المحاكمة والمحاسبة والمقارنة ، وذلك في لفتة سريعة للواقع الذين يعيشونه ، فنلتقي بهم وهم معرضون عن ذلك إلا القليلين منهم ممن آمنوا إيمان الوعي والإخلاص ، فثبتوا على خط الإيمان واستقاموا فكرا وعملا في جانب المعاملة ، أو في نطاق العلاقة العامة والخاصة.
فإذا انتهى هذا الجانب من الميثاق ، بدأ جانب آخر يتصل بعلاقاتهم الداخلية.
* * *
حق الإنسان بالحياة والحرية
وأخذ الله عليهم الميثاق باحترام النفس ، فلا يعتدى عليها بالقتل ، واحترام حرية الإنسان في بقائه في داره ، فلا يخرج منها قهرا بدون حق ... أمّا السرّ في التركيز على هذين الجانبين ، فلأنهما يمثلان ـ في الظن الغالب ـ العنصرين الأساسيين من عناصر الحريات الإنسانية ، وهما عنصر حرية الحياة في امتدادها إلى ما يشاء الله من دون اعتداء ، وحرية بقاء الإنسان في أرضه وداره ، لأن الحريات الأخرى متفرعة عنهما كما يظهر بالتأمل. لقد أخذ الله عليهم الميثاق بالالتزام بهاتين الحرّيتين فيما بينهم ، فما ذا كانت النتيجة؟
إنها تماما كالنتيجة في الميثاق الأول ، فلقد انطبعت حياتهم بالعدوان على النفس ، وبدأت سياسة الغلبة والقوة تتحكم بهم ، فضيّقوا على حرية الضعفاء الذين لا يخضعون لطغيانهم وبغيهم ، فأخرجوهم من ديارهم بالإثم والعدوان. وهنا تأتي المفارقة التي تمثل ازدواجية المواقف إزاء علاقاتهم العامة ، فهم في الوقت الذي يستبيحون قتلهم وإخراجهم من ديارهم ، نراهم في موقف آخر يمارسون سلوكا يوحي باحترام الإنسان ، وذلك عند ما يقع