الطيب ، باعتبارهم من الفئات التي تحتاج إلى ذلك ، إمّا من موقع الحاجة الذاتية ، وإمّا من موقع ارتباطها بالجانب الإنساني للعلاقات ... ثم طلب منهم أن يقولوا للناس حسنا في مجال المعاشرة والمحاورة ، لأن للكلمة الطيبة أثرها الكبير في انفتاح القلوب على الخير والمحبة والإخلاص ، وفي انطلاق العقول مع الفكرة بعيدا عن التعصب والتعقيد والعناد والمكابرة ، مما يجعل من الكلمة رسولا حبيبا إلى القلب والعقل ، فترتكز الحياة الاجتماعية ـ من أجل ذلك ـ على قاعدة متينة من التفاهم والتحابب والتعاون.
وجاء بعد ذلك دور إقامة الصلاة ، باعتبارها معراجا لروح المؤمن إلى الله ، حيث ينفتح الإنسان من خلالها يوميا على المعاني الروحية الواسعة الممتدة ، التي لا تضيق بالأعباء الكبيرة التي تفرضها الطاعة أو يوحي بها الجهاد ، ولا ترتبط بالحياة إلا باعتبارها مجالا من مجالات العمل والمسؤولية ، لأن هذا اللقاء بالله يملأ النفس شعورا عميقا بجديّة الحياة وبارتباطها بالحكمة في كل ظواهرها وبواطنها من خلال حكمة الخالق ، مما يجعل من السير في طريق الحق هدفا كبيرا لحياة الإنسان.
أما إيتاء الزكاة ، فإنه يحقق للنفس إنسانية العطاء عند ما لا تختنق في دائرة حاجاتها الذاتية ومطامعها الشخصية في ما أنعم الله عليها من نعم المال ، بل تعيش الشعور بآلام الآخرين وحاجاتهم ومطامحهم ، فتعمل على تلبية حاجات الآخرين ، باعتبار أن المال الذي يملكه الإنسان ليس شرفا وامتيازا له ، بل هو وظيفة ومسئولية في ما يحتاجه أو يحتاجه الآخرون ، وبذلك كانت الزكاة عبادة اجتماعية يشترط في صحتها ما يشترط في كل عبادة من نيّة التقرب بها إلى الله ، كما كانت الصلاة عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله في خضوعه لذاته المقدسة.
وتنتهي هذه المجموعة من التشريعات في هذه الآية لتبدأ عملية