الذين هم شباب المستقبل القوي ورجاله ، بينما لا تمثل النساء أيّ عنصر قوّة اجتماعي أو اقتصادي أو عسكري ، ولا سيما في ذلك الزمان ، بل ربما يحتاج إليهن كقوة عاملة للخدمة في تقوية ملك الفراعنة.
(وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) الذين كانوا يستعبدونكم ويضغطون على حريتكم ، فلا يملك أحد منكم أمامهم أي حول أو قوّة ، فلا يستطيع الدفاع عن نفسه أو حماية وجوده ، فكانوا (يَسُومُونَكُمْ) أي : يذيقونكم (سُوءَ الْعَذابِ) أي العذاب السيئ الشديد في وحشيته وقسوته ، في استخدامهم لكم في أعمالهم العمرانية والزراعية والخدماتية ، وفي فرض الجزية عليكم من دون أساس. ويشتد ذلك ويتعاظم في صورة أكثر قسوة ووحشية ، فهم (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) ولا يبقى منكم في المستقبل شباب يملكون القوة ورجال يعملون من أجل الحرية ، كوسيلة من وسائل مصادرة وجودكم القوي في المستقبل ، (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) فيبقونهنّ للخدمة وللّذّة ولغير ذلك. (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) لأنه يمثل الموت الجسدي للذكور والموت المعنوي للإناث. وقد نجّاكم الله من ذلك كله ببركة موسى عليهالسلام الذي جاهد في رسالته جهاد الأبطال من أجل حريتكم ، التي هي رمز حرية الإنسان المستضعف.
وقد جاءت هذه الآية لتقول لهم ـ للبقية الباقية منهم ـ في زمن النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله قد رفع عنكم هذا البلاء العظيم بفضل موسى عليهالسلام ورسالته ، وأنعم عليكم بنعمة الامتداد في الحياة بعيدا عن كل طغيان مدمّر وحشي ، فلما ذا لا تشكرون؟
* * *