حبّ علىّ (ع) حسنة لا يضرّ معها سيّئة ومثل : دينكم دينكم فانّ السّيّئة فيه مغفورة ، والحسنة في غيره غير مقبولة ، ومثل : إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره ، ومثل : ولىّ علىّ (ع) لا يأكل الّا الحلال ، ومثل : انّ الله عزوجل فرض على خلقه خمسا فرخّص في اربع ولم يرخّص في واحدة ، وغير ذلك ممّا يدلّ على انّ الرّجل ان وصل الى الاحتضار بالولاية غفر الله له جميع ذنوبه (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ) المضاف الّذى هو علىّ بن ابى طالب (ع) وولىّ أمركم ، والانابة اليه بعد البيعة ليست الّا بالحضور لديه بمعرفته بالنّورانيّة الّذى هو الحضور عند الله والمعرفة بالله (وَأَسْلِمُوا لَهُ) اى انقادوا له بالخروج من جميع نيّاتكم وقصودكم وليس الّا بالحضور عنده (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ) اى عذاب الاحتضار أو عذاب القيامة (ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) إذا لم تكونوا تسلمون له (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) قد سبق بيان اتّباع أحسن القول في أوائل هذه السّورة ، وقد مضى انّ أحسن القول هو الولاية (مِنْ رَبِّكُمْ) ولا شكّ انّ أحسن ما انزل الى العباد من ربّ العباد من جملة أركان الإسلام واحكامه الولاية فانّها أسناها وأزكاها وأنماها وأشرفها والدّليل عليها ، وأحسن ما انزل إليهم من جملة قواهم وفعليّاتهم هو الولاية التّكوينيّة الّتى هي حبل الله ، والولاية التّكليفيّة الّتى هي حبل النّاس ، وهي الايمان الدّاخل في القلب ، وهي الفعليّة الاخيرة الّتى بها شيئيّته وهي ما يصحّح نسبة البنوّة والابوّة بينه وبين ولىّ امره ، ونسبة الأخوّة بينه وبين سائر المؤمنين (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ) عذاب حال الاحتضار أو القيامة (بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) بمجيئه حتّى تتهيّؤا لدفعه أو لوروده ليكون أيسر ايلاما (أَنْ تَقُولَ) أمرنا أو قلنا ذلك كراهة ان تقول ، أو لئلّا تقول ، أو هو بدل من ان يأتيكم العذاب نحو بدل الاشتمال اى اتّبعوا أحسن ما انزل إليكم من قبل ان تقول (نَفْسٌ) ارادة العموم البدلىّ أو الاجتماعى من النّفس هاهنا بعيدة لفظا ومعنى ، وارادة فرد ما لا على التّعيين مفيد معنى وقريب لفظا لكن ملاحظة التّحقير من التّنكير وهي المنظور منه (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) اى في علىّ (ع) أو في ولايته كما ورد اخبار كثيرة في انّ المراد بجنب الله علىّ (ع) ، أو هو والائمّة من بعده ، أو ولايته ، فعن الباقر (ع) اشدّ النّاس حسرة يوم القيامة الّذين وصفوا عدلا ثمّ خالفوه وهو قوله عزوجل : ان تقول نفس (الآية) ، وعن الكاظم (ع) جنب الله أمير المؤمنين (ع) ، وعن الباقر (ع) : نحن جنب الله ، وعنه (ع) وعن السّجّاد (ع) والصّادق (ع) ، جنب الله علىّ (ع) وهو حجّة الله على الخلق يوم القيامة ، وعن الرّضا (ع) في هذه الآية انّه قال : في ولاية علىّ (ع) ، وعن علىّ (ع) : انا جنب الله ، والاخبار في هذا المعنى كثيرة (وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) لجنب الله (أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ولفظة أو للدّلالة على انّها قد تقول هذا وقد تقول ذلك لغاية تحيّره ووحشته (بَلى) جواب للنّفى المستفاد من قولها : لو انّ الله هداني وإثبات لما نفت وردّ عليها كأنّه قيل : ما يقال لها حين تقول ذلك؟ فقال تعالى : يقول الله بلى ردّا على قولها ما هداني الله (قَدْ جاءَتْكَ) قرئ بتذكير ضمير الخطاب اعتبارا للمعنى وقرئ بتأنيثه (آياتِي) نقل انّ المراد بالآيات الائمّة وعلى ما ذكرنا من إشارات الاخبار جاز ان تفسّر الآيات بعلىّ (ع) والائمّة (ع) من بعده (فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ) عن الانقياد لها (وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بالله بكفرك بالآيات من حيث انّها آيات لانّها مظاهر لله وبكفرك بالولاية فانّ الايمان بالله لا يحصل الّا بالايمان بالولاية ، وبكفرك بنعم الله فانّ الولاية من أعظم نعم الله على خلقه ، والكافر بها كافر بأعظم النّعم بل بجميع النّعم لانّ النّعمة ليست نعمة الّا بالولاية (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ)