أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ليس لهم مقام علم حتّى يعلموا انّ ذلك ينافي مقام علمهم أو لا يعلمون انّ ذلك فتنة لهم واستدراج (قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كقارون حيث قال : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ فَما أَغْنى) عذاب الله (عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من الأموال والقوى والأولاد والخدم والحشم (فَأَصابَهُمْ) عطف عطف التّفصيل على الإجمال (سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) بأنفسها على تجسّم الأعمال أو جزاء تلك السّيّئات (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ) اى ظلموا آل محمّد (ص) أو ظلموا ولايتهم التّكوينيّة الّتى هي ولاية آل محمّد (ص) بعدم ضمّها الى الولاية التّكليفيّة فانّ الظّلم ليس مرادا مطلقا فيكون المراد هو الفرد المعهود منه (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوَلَمْ يَعْلَمُوا) استفهام توبيخيّ يعنى لو لا يعلمون ذلك مع وضوح برهانه وظهور آثاره (أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ) اى في بسط الرّزق لبعض من دون مداخلة كسبه وتدبيره في ذلك وقدره لبعض مع كمال سعيه وتدبيره (لَآياتٍ) عديدة دالّة على علمه تعالى وقدرته وحكمته ومراقبته لعباده (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يذعنون بالله وصفاته ، أو يسلمون بالبيعة العامّة ، أو يؤمنون بالبيعة الخاصّة الولويّة (قُلْ يا عِبادِيَ) قد مضى انّ الخطاب للعباد من محمّد (ص) بيا عبادي في محلّه فانّ عباد الله كما انّهم عباد لله عبد عبوديّة عباد لمظاهره عبد طاعة ، على انّ حكم الظّاهر قد ينسب الى المظهر إذا انسلخ المظهر من انانيّته وظهر فيه انانيّة الظّاهر كما انّ حكم المظهر قد ينسب الى الظّاهر ويشهد لذلك قوله تعالى : فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ، وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى وقوله قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم وقوله انّ الله اشترى من المؤمنين وقوله انّ الّذين يبايعونك انّما يبايعون الله وقوله الم يعلموا انّ الله هو يقبل التّوبة عن عباده ويأخذ الصّدقات فانّ الاشتراء والبيعة وقبول ـ التّوبة وأخذ الصّدقات ليست الّا بتوسّط المظاهر والخلفاء (الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) بالإفراط في حقوقها الدّنيويّة والتّفريط في حقوقها الاخرويّة (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) وهذا لمن كان له سمة العبوديّة بالنّسبة الى مظاهره وخلفائه ولا يكون سمة العبوديّة الّا لمن باع معهم البيعة العامّة أو البيعة الخاصّة ، بل نقول : لا يكون سمة العبوديّة الّا لمن باع البيعة الخاصّة فانّ الايمان الّذى هو سمة العبوديّة لا يدخل في القلب الّا بالبيعة الخاصّة ، وامّا المسلمون فدخولهم في الإسلام ليس الّا كدخول من دخل تحت حكم السّلاطين الصّوريّة ولذلك لا يكون الأجر والثّواب الّا على الايمان دون الإسلام ، أو نقول هو عامّ لكلّ من لم ينسلخ من عبودية الله تكوينا سواء صار عبدا له تكليفا أو لم يصر ، وانسلاخه من عبوديّته التّكوينيّة لا يكون الّا بالتّمكّن في اتّباع الهوى والشّيطان فانّ المتمكّن في اتّباعهما لا يغفر له لانّه الشّرك الّذى قال الله انّ الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك فالمراد بالذّنوب هاهنا غير الشّرك الّذى لا يغفره الله ، وغير المتمكّن في اتّباع الشّيطان هو الباقي على ولاية آل محمّد (ص) تكوينا وان لم يبايع بالولاية معهم تكليفا فلا منافاة بين هذا التّعميم ، وما ورد في الاخبار من اختصاص الآية بشيعة آل ـ محمّد (ص) فانّه قال القمىّ : نزلت في شيعة علىّ بن ابى طالب (ع) خاصّة ، وعن الصّادق (ع) لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول : يا عبادي (الآية) قال (ع) : والله ما أراد بهذا غي ركم ، وعن الباقر (ع) : وفي شيعة ولد فاطمة (ع) انزل الله عزوجل هذه الآية خاصّة ، وعن الصّادق (ع) : ما على ملّة إبراهيم (ع) غيركم ، وما يقبل الّا منكم ، ولا يغفر الذّنوب الّا لكم ، وعن أمير المؤمنين (ع) : ما في القرآن آية أوسع من (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) (الآية) ، وعن النّبىّ (ص) : ما احبّ انّ لي الدّنيا وما فيها بهذه الآية ، وإذا جمع ما ورد في شيعة علىّ (ع) مع هذه الآية علم ان ليس المراد بعبادي الّا شيعته ، مثل :