(وَلا يَعْقِلُونَ) بمنزلة بل لا يعقلون (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) فما لكم تجعلون غيره شفيعا عنده ، أو المعنى بل اتّخذوا من دون علىّ (ع) الّذى هو مظهر تامّ لله وبهذه المظهريّة يطلق اسم الله عليه شفعاء قل لهم أتتّخذونهم شفعاء وائمّة لكم ولو كانوا لا يملكون شيئا ممّا يملك حتّى نفوسهم وقوى نفوسهم الّتى تكون مملوكة لكلّ ذي نفس ولا يعقلون خير أنفسهم وشرّها الانسانيّين فكيف بغيرهم قل لهم ايّتها العصابة الّذين تطلبون شفعاء عند الله لعلىّ (ع) الشّفاعة جميعا يعنى بجميع مراتب الشّفاعة وجزئيّاتها ليس لأحد شيء منها فما لكم تنصرفون عن علىّ (ع) الى غيره (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) في مقام التّعليل (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يعنى انّ الشّفاعة في الدّنيا مختصّة به لانّ له ملك السّماوات والأرض ، والشّفاعة في الآخرة مختصّة به لانّ الكلّ يرجعون اليه لا الى غيره (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ) بمنزلة الاستدراك كأنّ متوهّما توهّم انّه لا ينبغي ان يتوجّه أحد مع ذلك الى غير الله فقال ولكن إذا ذكّر الله وحده (اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) لانّهم أدبروا عن الله وأقبلوا على اهويتهم والمدبر عن الشّيء مشمئزّ عنه وعن ذكره ، والمقبل على الشّيء مستبشر به وبذكره (وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) كالأصنام والطّواغيت ومعاندي علىّ (ع) ، وعن الصّادق (ع) انّه سئل عنها فقال : إذا ذكر الله وحده بطاعة من امر الله بطاعته من آل محمّد (ص) اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة ، وإذا ذكر الّذين لم يأمر الله بطاعتهم (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ قُلِ) معرضا عنهم مقبلا على ربّك (اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) يعنى توجّه الى ربّك واذكره بما فيه تسليتك عن عدم اجابة قومك وعن خلافهم من كونه خالق كلّ ما سواه وعالم كلّ المعلومات ومنها عناد قومك معك وخلافهم لك وحصر الحكم بين العباد فيه (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) عطف على اللهم ومن جملة ما أمره الله تعالى ان يقول تسلية لنفسه ، أو عطف على جملة إذا ذكر الله ، أو حال من أحد اجزائها ، أو حال من أجزاء قل اللهمّ (الى آخر الآية) ولفظة لو للشّرط في الاستقبال أو للشّرط في الماضي لانتفاء الثّانى لانتفاء الاوّل بادّعاء مضىّ يوم القيامة لتحقّق وقوعه ، والمراد بالظّلم ظلم آل محمّد (ص) لعدم ارادة مطلق الظّلم لانّ أكثر اصنافه مغفور فليخصّص بما هو المعهود من ظلم آل محمّد (ص) (ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) وهذا تهديد بليغ لهم (وَبَدا لَهُمْ) عطف على افتدوا أو حال (مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) اى العمل الّذى كانوا به يستهزؤن ، أو العذاب الّذى كانوا به يستهزؤن (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ) اى إذا مسّهم ووضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بانّ هذا في فطرة الإنسان ، والفاء لسببيّة ما بعدها لما قبلها ، أو عاطفة على جملة إذا ذكر الله (الى آخرها) ، أو على جملة لو انّ للّذين ظلموا (الى آخرها) ودالّة على التّرتيب في الاخبار (ضُرٌّ دَعانا) لظهور فطرته حينئذ وعدم احتجابها بحجب الوهم والخيال واقتضائها التّعلّق بالله والتّضرّع اليه (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا) وظهر الخيال بانانيّته ونسي حال تضرّعه ودعائه (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) منّى بطرق كسبه أو على علم بإتيانه لانّى علمت انّ الله يعطيني ذلك لمكانى عنده (بَلْ) ليس إتيانه بكسبه ولا بشعور منه بإتيانه انّما (هِيَ فِتْنَةٌ) من الله وفساد له أو امتحان له لئلّا يبقى عليه شوب من العلّيّين حتّى يدخل النّار من غير شوب من العلّيّين (وَلكِنَ