نور التّجرّد واليقين والإطلاق من الاهوية والتّعلّقات (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) حالكونكم في سبيل الله الّذى هو الجهاد ، أو سبيل الحجّ أو سبيل الهجرة الى الرّسول (ص) أو الى الامام ، أو حالكونكم في طريق القلب والسّلوك اليه والى الله ، أو ما لكم ان لا تنفقوا في تحصيل سبيل الله وهو الولاية وطريق القلب ، أو ما لكم لا تنفقون في تعظيم سبيل الله وهو كلّ خير من العبادات والجهاد والحجّ ، أو هو الرّسالة ، أو الولاية (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جملة حاليّة في موضع التّعليل ، واضافة الميراث امّا بيانيّة أو بتقدير في أو بتقدير اللّام فانّ سماوات الأرواح وما فيها وأراضي الأشباح وما فيها ميراث مقام المشيّة يرثها الإنسان الكامل والعقول من المشيّة ، ويرثها ما بعد العقول من العقول ، وما بعد النّفوس من النّفوس ، وما بعد عالم المثال من عالم المثال ، والكلّ من الله تعالى ، والمواليد المكوّنة ميراث ومتخلّف من الكمّلين من بعض لبعض ، والأموال العرضيّة الدّنيويّة ميراث من بنى آدم من بعض الى بعض فما بال ما كان لله لا تنفقون منها بأمره تعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) ومن أنفق من بعد الفتح وقاتل فحذف القرين بقرينة ما يأتى.
الإنفاق قبل الفتح
اعلم ، انّ الفتح يطلق على النّصر والظّفر ، وعلى إعطاء الله الغنائم الدّنيويّة أو الاخرويّة الّذى هو لازم الظّفر وفتح البلاد وفتح باب القلب وعلى فتح البلاد وعلى فتح باب القلب ، والمخاطبون كانوا مسلمين مقصورا همم أكثرهم على الظّفر على الأعداء وفتح البلاد وجمع الغنائم الدّنيويّة ، ومؤمنين مقصورا همم أكثرهم على فتح باب القلب وجمع الغنائم الاخرويّة ، وآيات القرآن منزّلة على مراتب حالات النّاس بكثرتها وسعتها ، واختلاف التّفاسير الواردة من المعصومين (ع) باعتبار اختلاف أحوال النّاس ، وسعة وجوه القرآن بحسب سعة أحوال النّاس فصحّ ان يقال : لا يستوي منكم من أنفق من قبل النّصر والظّفر ، أو من قبل الغنائم الدّنيويّة أو الاخرويّة ، أو من قبل فتح البلاد للمسلمين أو من قبل فتح مكّة وان يقال : لا يستوي منكم من أنفق من قبل فتح باب القلب الى الملكوت ومن أنفق بعد قوّة المسلمين وغلبتهم ، وحين كثرة الغنائم وقوّة رجاء تعاقبها وتعاقب فتح البلاد ، وحين انفتاح باب القلب وشهود ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ، فانّ الإنفاق والمقاتلة قبل ذلك لا يكونان الّا عن قوّة اليقين وثبات القلب وقوّة الشّجاعة والسّخاوة ، وامّا بعد الحضور فلا يبقى عدوّ وقوىّ حتّى يكون المقاتلة صعبا ولا يبقى ميل ومحبّة الى ماله من الأموال والقوى والانانيّات لوجدان العوض الأشرف الأعلى الأبهى حتّى يكون الإنفاق صعبا ، فالمنفق والمقاتل حين ضعف المسلمين كان أعظم درجة لكونه أقوى يقينا والمنفق والمقاتل في الغياب البتّة أعظم اجرا من المنفق والمقاتل في الحضور ، وقيل : لا يستوي منكم من أنفق من قبل فتح الرّسول (ص) بسبب المعراج فانّه (ص) بعد المعراج كان أقوى تأثيرا ، ومن أنفق قبل المعراج كان كالّتى يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، ونعم ما قال المولوىّ رضوان الله عليه في بيان هذه الآية :
يؤمنون بالغيب مى بايد مرا |
|
زان ببستم روزن فانى سرا |
ليك يك درصد بود ايمان بغيب |
|
نيك دان وبگذر از ترديد وريب |
بندگى در غيب آيد خوب وكش |
|
حفظ غيب آيد در استبعاد خوش |
قلعه داري كز كنار مملكت |
|
دور از سلطان وسايه سلطنت |
پاس دارد قلعه را از دشمنان |
|
قلعه نفروشد بمال بى كران |
نزد شه بهتر بود از ديگران |
|
كه بخدمت حاضرند وجان فشان |
پس بغيبت نيم ذرّه حفظ كار |
|
به كه اندر حاضري زان صد هزار |