والفضّة والإضلال والإيقاع في الفتنة (أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ) بمحمّد (ص) أو بالمؤمنين الدّوائر (وَارْتَبْتُمْ) في دينكم وما كنتم فيه معنا (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُ) عن طلب الآخرة والعمل لها (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) بقبض أرواحكم (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) اى الشّيطان حيث قال انّ الله كريم وزمان التّوبة وسيع (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) لو كان لكم الفدية ولا فداء لكم (وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ظاهرا وباطنا (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) الّذى يلي أمركم فانّها ملكتكم ولا تصرّف لغيرها فيكم (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) النّار (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) لمّا ذكر حال المنافقين ونور المؤمنين وكان النّفاق ينشأ من الوقوف على مرتبة والرّضا بالمقام فيها استبطأ حركة المؤمنين الى مقاماتهم العالية بنحو يكون تحذيرا من المقام على مراتبهم الحاصلة فانّ الاستفهام هاهنا للتّوبيخ والإنكار ، وقد مضى في سورة البقرة بيان معنى الخشوع والفرق بينه وبين الخضوع والتّواضع عند قوله تعالى : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) ، والمراد بذكر الله هو الذّكر المأخوذ من صاحب الذّكر ، أو تذكّر الله وتذكّر عظمته ، أو صاحب الذّكر الّذى هو علىّ (ع) ببشريّته ، أو هو صاحب الذّكر بمقام نورانيّته (وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ) من آيات القرآن ، أو احكام الرّسالة ، أو قرآن ولاية علىّ (ع) ، أو الواردات الآفاقيّة ، أو الانفسيّة (وَلا يَكُونُوا) قرئ بالغيبة ويكون نفيا وعطفا على تخشع أو نهيا وعطفا على الم يأن باعتبار المعنى كأنّه قال : لا يقف المؤمنون على مقامهم ولا يكونوا ، وقرئ بالخطاب نفيا وعطفا على تخشع ويكون التفاتا من الغيبة ونهيا وعطفا باعتبار المعنى ويكون التفاتا والتّقدير لا يقفوا ولا يكونوا (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) الزّمان اى طال زمان وقوفهم على مقامهم الحاصل لهم من دون التّرقّى الى المقامات المفقودة عنهم (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) يعنى صار كثير منهم منافقين فصاروا فاسقين خارجين من حكم امامهم ، روى عن الصّادق (ع) انّ هذه الآية يعنى ولا تكونوا في القائم (ع) والمعنى انّها نزلت في المؤمنين بالغيبة فانّ الله حذّرهم ان يصيروا بسبب الوقوف على مقام واحد وعدم الخروج الى المقامات العالية منافقين مثل المنافقين الّذين كانوا في زمان محمّد (ص) ونافقوا بسبب الوقوف وعدم الخروج ، فانّهم أوتوا كتاب النّبوّة وقبلوها قبلهم (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) كأنّه بعد ما حذّرهم عن الوقوف ووبّخهم عليه يئس جمع من الواقفين عن الرّحمة وقالوا : فما لنا الّا قساوة القلوب فقال رفعا ليأسهم وترجيحا بجانب الرّجاء : اعلموا انّ الله يحيى ارض قلوب المؤمنين بذكر الله في الدّنيا أو بنور الامام في الآخرة (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) ، عن الباقر (ع) انّه قال : يحييها الله تعالى بالقائم بعد موتها (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) التّدوينيّة والآيات الآفاقيّة والانفسيّة (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تصيرون عقلاء ، أو تدركون إدراكا عقلانيّا ، أو تدركون بعقولكم انّ الوقوف مورث للقسوة ، وانّ الذّكر جلاء للقلوب ومورث للخشوع (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) قرئ بتشديد الصّاد من التّفعّل بمعنى الّذين يعطون الصّدقات ، وقرئ بتخفيف الصّاد من التّفعيل بمعنى الّذين صدقوا الله ورسوله (وَأَقْرَضُوا اللهَ) جملة حاليّة أو متعرضة أو معطوفة على صلة الالف واللّام ، وعلى اىّ تقدير هو تقييد للتّصدّق ان كان بمعنى الإنفاق المطلق ، أو تأكيد له ان كان بمعنى الإنفاق لوجه الله ، أو يكون المراد بالتّصدّق الإنفاق على الفقراء ، وباقراض الله صلة الامام (ع) ، وعلى قراءة تخفيف الصّاد يكون عطفا وبمنزلة ان يقال : انّ الّذين