مناسبة لم تكن مناجاته مؤثّرة ولا مقرّبة الى الآخرة بل كانت مؤثّرة في عكس المراد ومبعّدة من الآخرة والرّسول (ص) لانّه كما في الخبر لا يجلس اثنان الّا ويقومان بزيادة أو نقيصة ، الم يكن ابو جهل يحاور كثيرا الرّسول (ص) ولم تكن محاورته مؤثّرة بل كانت مبعّدة ، فالرّبّ تعالى بكمال رأفته امر العباد بتقديم الصّدقة الّتى هي كناية عن كسر الانانيّة الّتى هي ضدّ للرّسول (ص) ومشّاقة له حتّى يوافق المناجى له بعض الموافقة فيتأثّر من محاورته على انّ في التّصدّق بأمر الله تعالى نفعا للفقراء ومسّا ليد الرّسول (ص) وتعظيما له وامتثالا لأمر الله تعالى وكسر الانانيّة الّتى هي شبكة الشّيطان وأعظم معصية للإنسان وتمييزا للمخلص عن غيره ، روى عن علىّ (ع) انّه قال في كتاب الله لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النّجوى انّه كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فجعلت اقدّم بين يدي كلّ نجوى أناجيها النّبىّ (ص) درهما قال : فنسخها قوله أشفقتم (الى قوله) خبير بما تعملون (ذلِكَ) التّصدّق أو التّناجى (خَيْرٌ لَكُمْ) لانّه ادخل في النّجح وفي التّأثّر بمحاورة الرّسول (ص) (وَأَطْهَرُ) لأنفسكم من رجس الانانيّة وحبّ المال والرّغبة في الدّنيا (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) صدقة تقدّموها امام نجويكم فلا يضرّكم عدم التّقديم (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) يغفر بفضله رجس انانيّاتكم وان لم تتصدّقوا صدقة فيها كسرها (رَحِيمٌ) يرحمكم بنجح مسئولكم وتأثّركم بمحاورة الرّسول (ص) بدون التّصدّق (أَأَشْفَقْتُمْ) على ما في أيديكم ومن الفقر والحاجة (أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) جمع الصّدقات هاهنا لملاحظة جمع المناجين ، أو للاشارة الى انّ في الصّدقة الصّوريّة كسرا للانانيّة وهو صدقة من الانانيّة ، وخشوعا للقلب وهو تصدّق من القلب ، وخضوعا من الجسد وهو تصدّق منه ، وتوجّها من القوى الدّرّاكة الى الرّسول (ص) والى جهة الآخرة ، وامتثالا لأمر الله وحركات من القوى العمّالة في جهة الآخرة وهي تصدّقات منها (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) تقديم الصّدقات (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) بان رخّص لكم في تركه ، عن أمير المؤمنين (ع) في هذه الآية فهل تكون التّوبة الّا عن ذنب (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) جبرانا لتقصير ترك الصّدقة امام المناجاة فانّ الحسنات يذهبن السّيّئات فانّ في الصّلوة توجّها الى الآخرة نحو التّوجّه في التّصدّق ، وفي الزّكاة كسرا للانانيّة مثل ما في التّصدّق امام المناجاة (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في سائر ما أمراكم به ونهياكم عنه (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) ترغيب في الامتثال وتهديد من تركه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) قيل المراد منهم قوم من المنافقين كانوا يوالون اليهود ويفشون إليهم اسرار المؤمنين ويجتمعون معهم على ذكر مساءة النّبىّ (ص) والمؤمنين (ما هُمْ مِنْكُمْ) لعدم ايمانهم باطنا (وَلا مِنْهُمْ) لإقرارهم اللّسانىّ بالإسلام (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) اى على عدم مجالستهم لهؤلاء القوم ، أو عدم استماعهم الى ازدراء المؤمنين ، أو على قصد تقوية الدّين والكلّ كذب منهم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) انّهم يحلفون على الكذب (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) معنويّة لدفع لوم المسلمين وحفظ عرضهم وما لهم من المسلمين بصورة الإسلام ومن الكفّار بالمسلمين (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بصدّ قويهم عن طريق القلب وبتشكيك الضّعفاء من المسلمين ومنع الرّاغبين في الإسلام من الكافرين ، أو يتّخذ الغاصبون بحقّ آل محمّد (ص) ايمانهم عند المسلمين جنّة يدفعون بها ظنّ المسلمين بهم النّفاق ويدفعون بها لوم اللّائمين لهم على الانحراف ، فيصدّون خلقا كثيرا عن سبيل الله الّذى هو الولاية وهو أمير المؤمنين (ع) ، وقرئ ايمانهم بكسر الهمزة يعنى اتّخذوا صورة إسلامهم جنّة يدفعون بها لوم المسلمين ومعارضتهم ومقاتلتهم معهم ويدفعون بها معارضة الكفّار ومقاتلتهم معهم (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ