ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) فانّ وصلة الكفّار ومخالطتهم لا تضرّهم كما انّ وصلة آسية ومخالطتها لفرعون ما كانت تضرّها (إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) اى القبطىّ التّابعين له (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) من ان ينظر اليه أو تنظر هي بنفسها اليه (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ) المراد بالكلمات هي الكلمات الوجوديّة وهي مراتب العالم مندرجة في ابن آدم (ع) ، والمراد بالكتب احكام النّبوّات والرّسالات وآثار الولايات ، ومنها الكتب التّدوينيّة (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) لا من القانتات بل هي عدّت من الرّجال ، روى عن النّبىّ (ص) انّه قال : كمل من الرّجال كثير ولم يكمل من النّساء الّا اربع ، آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وخديجة (ع) بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله.
الجزء التّاسع والعشرون
سورة الملك
مكّيّة ، ثلاثون آية ، وقيل : احدى وثلاثون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) الملك يطلق على عالم الطّبع مقابل الملكوت العامّة الّتى هي جملة عالم الأرواح ، أو الخاصّة وهي عالم المثال ، وهذا الإطلاق هو المشهور عندهم ، ويطلق على جملة ما سوى الله ، وعلى الرّسالة والصّدر المستنير بنورها ، وعلى النّبوّة والقلب المستضيء بضوئها ، وعلى الولاية الّتى بها يكون التّصرّف في العباد ودعوتهم الى التّوحيد ، واليد تطلق على ما به التّصرّف ، وعلى القدرة الّتى هي مبدء التّصرّف ، وعلى صفات الله اللّطفية والقهريّة ، وعلى عالمي الملكوت العليا والملكوت السّفلى ، والكلّ مناسب هاهنا (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الممكنات الواقعة في عالم الطّبع وعالمي الملكوت (قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ) لمّا كان الموت من اعدام الملكات ، واعدام الملكات لها حظّ ضعيف من الوجود وما له حظّ من الوجود صحّ تعلّق الخلق به قال: خلق الموت (وَالْحَياةَ) ولمّا كان الموت في عالم الطّبع بوجه مقدّما على الحيوة بالطّبع ، أو كان المنظور من ذكر خلق الموت والحيوة التّهديد عن الشّرور والتّرغيب في الخيرات وكان الموت في هذا المنظور أبلغ قدّم الموت (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ولم يقل ، أو أسوء عملا ، للاشارة الى انّ المنظور من كلّ ذلك ان يحسن الإنسان عمله ، وسوء العمل يكون من الطّوارى وليس علّة غائيّة وحسن العمل يكون بنيّة حسنة كاملة ، والنّيّة الحسنة تكون بالعقل الكامل ولذلك ورد في اخبار عديدة انّ المراد به ايّكم أتمّ عقلا ، وروى عن الصّادق (ع) انّه قال : ليس يعنى أكثر عملا ولكن أصوبكم عملا وانّما الاصابة خشية الله والنّيّة الصّادقة ثمّ قال : الإبقاء على العمل حتّى يخلص اشدّ من العمل ، والعمل الخالص الّذى لا تريد ان يحمدك عليه أحد الّا الله عزوجل ، والنّيّة أفضل من العمل ، الا وانّ النّيّة هو العمل ، ثمّ تلا قوله