هو في ضلال مبين ، كذا أنزلت (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) غائرا في الأرض بحيث لا يمكن اجراؤه على وجه الأرض ولا نيله بدلو وغيره (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) جار أو ظاهر ، ولمّا لم يكن اسم الماء خاصّا بالماء العنصرىّ الّذى هو جسم سيّال محيط بالأرض بل كلّ ما كان سببا لحياة ما وسببا لتماسك الأجسام اليابسة ماء فالعلم والايمان وإفاضات الله كلّها مياه بوجه ، والامام الّذى به يكون الايمان ، والولاية الّتى هي البيعة الخاصّة الايمانيّة الّتى بها يحصل الايمان ويدخل بذر المعرفة في القلوب ماء ، والحياة النّباتيّة والحيوانيّة بمراتبها ، والانسانيّة بمراتبها كلّها مياه ، والعقول والأرواح والنّفوس الكلّيّة والجزئيّة البشريّة والحيوانيّة والنّباتيّة كلّها مياه ، والرّوح النّفسانيّة الّتى هي مركب القوى الدّرّاكة والحيوانيّة الّتى هي مركب حياة الأعضاء ماء ، والمشيّة الّتى هي أصل كلّ أصل ومبدء كلّ مبدء ومنتهى كلّ منتهى أصل المياه ، فاذا عرفت ذلك سهل عليك تصوّر وجوه الآية ونعم ما قال المولوىّ قدسسره في بيان وجه من وجوه الآية :
مقرئى مى خواند از روى كتاب |
|
ماؤكم غورا ز چشمه بندم آب |
آب را در چشمه كه آرد دگر |
|
جز من بى مثل وبا فضل وخطر |
فلسفيّى منطقيّى مستهان |
|
مى گذشت از سوى مكتب آن زمان |
چونكه بشنيد آيت أو از ناپسند |
|
گفت آريم آب را ما با كلند |
شب بخفت وديد أو يك شير مرد |
|
زد طپانچه هر دو چشمش كور كرد |
گفت زين دو چشمه چشم اى شقي |
|
با تبر نوري بيار ار صادقي |
روز برجست ودو چشمش كور ديد |
|
نور فائض از دو چشمش ناپديد |
سورة القلم
وهي مكّيّة ، وقيل : من اوّله (الى قوله تعالى) (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) ، مكّىّ ، وما بعده (الى قوله تعالى) (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ، مدنىّ ، وما بعده (الى قوله تعالى) يكتبون ، مكّىّ ، وما بعده مدنىّ ،
وهي اثنتان وخمسون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ن) روى عن الصّادق (ع) وامّا ن فهو نهر في الجنّة قال الله عزوجل : اجمد ، فجمد ، فصار مدادا ثمّ قال عزوجل للقلم : اكتب ، فسطر القلم في اللّوح المحفوظ ما كان وما هو كائن الى يوم القيامة فالمداد مداد من نور والقلم قلم من نور ، واللّوح لوح من نور ، وبهذا المعنى مع اختلاف في اللّفظ اخبار كثيرة ، وقيل : المراد به الحوت الّذى عليه الأرضون ، وقيل : هو لوح من نور ، وقيل : هو الدّواة ، وقيل : هو مطلق الحوت في البحر ، وقيل : هو من أسماء السّورة ، وقيل : هو من حروف اسم الرّحمن ، وقيل : هو من أسماء محمّد (ص) ولعلّك بعد ما سبق في اوّل البقرة يسهل عليك التّوفيق بين هذه الأقوال ؛ وتعلم انّ ن كناية عن مرتبة من مراتب العالم وانّ محمّدا (ص) متّحد مع جميع مراتب العالم وانّ مراتب العالم مراتب سعة وجود الله تعالى ، وانّ السّورة ظهور لتلك المرتبة (وَالْقَلَمِ) قيل : المراد به مطلق القلم ، اقسم الله به لكثرة منافع الخلق به ، إذ هو أحد لساني الإنسان بل هو أشرف لسانيه لانّ لسانه لا يبلّغ ما في جنانه الى من بعد منه زمانا أو مكانا ، والقلم يبلّغ ما في جنان الإنسان الى الأباعد منه ، والكلام يفنى من حينه ولو بقي اثره في قلب