جميلا ، وبقوله : فما للّذين كفروا قبلك مهطعين (الآيات) (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) قيل : هو انكار لقولهم : لو صحّ ما يقوله لنكون فيها أفضل حظّا منهم كما في الدّنيا (كَلَّا) ردع لهم عن هذا الطّمع (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) اى من نطفة قذرة لائقة للمزابل لا لجنّات النّعيم وانّما يدخل الجنّات إذا بدّل مادّته بمادّة شريفة لطيفة قابلة للجنان الاخرويّة ، ولا يكون ذلك الّا بالايمان بعلىّ (ع) فانّه الماء الّذى كلّما دخل فيه واتّصل به صار من سنخه وجنسه (فَلا أُقْسِمُ) لفظة لا قد مضى مكرّرا انّها شائع دخولها في القسم ، وتكون زائدة للتّأكيد (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) مشارق عالم الطّبع ومغاربه فانّ للشّمس في كلّ يوم بل في كلّ آن مشرقا ومغربا غير ما كان له في الآن السّابق ، ومشارق العوالم العالية ومغاربها ، فانّ كلّ عالم مشرق بوجه ومغرب بوجه ، وله مشرق بوجه ومغرب بوجه (إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) بان نذهبهم ونجعل بدلهم جمعا يكونون خيرا منهم (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) بمغلوبين ان أردنا ذلك يعنى نقدر على ذلك ولا مانع لنا ولكنّا اهملناهم لحكمة ومصلحة (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) في أباطيلهم (وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) اى القبور (سِراعاً) مسرعين (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ) النّصب بالفتح والسّكون وقرئ به وبالتّحريك العلم المنصوب ، وبالضّمّتين كلّما جعل علما وكلّما عبد من دون الله وقرئ به ، والنّصب بالضّمّ والسّكون كلّما عبد من دون الله (يُوفِضُونَ) اى يسرعون ، قال القمّىّ : الى الدّاعى يبادرون (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) للخوف والدّهشة (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ) العظيم (الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) في الدّنيا وكانوا ينكرونها ويقولون استهزاء : لو كان ما يقولون حقّا لكنّا خيرا منهم فيها.
سورة نوح
مكّيّة ، ثمان وعشرون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الدّنيا ، أو في الآخرة ، أو بين الدّنيا والآخرة حين الاحتضار ، أو في البرازخ (قالَ) امتثالا لأمرنا وتبادرا الى تبليغ رسالته (يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) ظاهر الصّدق ، أو مظهر لصدقى ، أو مظهر لما انذر به ، أو مظهر للأمر بعبادة الله (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) ان تفسيريّة وتفسير لنذير أو لمبين ، أو مصدريّة بتقدير اللّام ، أو مصدريّة مفعول به لمبين (وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) بعض ذنوبكم فانّ الكلّ لا يغفر الّا بعد الفناء التّامّ وهو الفناء عن الفناء (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو آخر مدّة أعمارهم وهو الأجل المعيّن الّذى سمّى في الألواح العالية (إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ) إذا قدّر مجيئه أو إذا قرب مجيئه (لا يُؤَخَّرُ) فاعملوا لما بعده في زمان الامهال (لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) لامتنعتم ممّا