أنتم عليه أو ليتكم كنتم تعلمون عقوبة أفعالكم ، أو ليتكم كنتم من أهل العلم (قالَ) بعد ما دعاهم ولم يجيبوه إظهارا لامتثاله وتشكيّا من عدم اجابتهم (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) عنّى وعن الايمان بك وعن تصديقى (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ) إليك والى الايمان بك (لِتَغْفِرَ لَهُمْ) مساويهم اللّازمة لذواتهم وشنائع أعمالهم (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) لئلّا يسمعوا قولي (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) لئلّا يرونى ادعوهم إليك ، لجاجا وتنفّرا عن الحقّ (وَأَصَرُّوا) على الامتناع (وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) عظيما عن انقيادي وسماع قولي (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) تفصيل لدعائه ليلا ونهارا ولذلك عطف بثمّ ، وجهارا مفعول مطلق نوعىّ من غير لفظ الفعل (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) يعنى دعوتهم اوّلا جهارا فلمّا رأيت انّه لا ينفع فيهم لفّقت الجهر والأسرار بالنّسبة الى كلّ ، أو أعلنت لبعض وأسررت لبعض آخر لانّ بعضهم كانوا يتأنّفون عن قبول الدّعاء جهارا (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) بيان لكيفيّة دعائه يعنى انّى دعوتهم ووعدتهم على مقتضى اهويتهم ليكون دعائي سببا لميلهم الى المدعوّ لا سببا لنفرتهم (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) لمن يستغفره (يُرْسِلِ السَّماءَ) اى السّحاب (عَلَيْكُمْ مِدْراراً) كثير الدّرّ والمطر (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) في الدّنيا والآخرة (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) هو من قول نوح (ع) ، أو ابتداء كلام من الله خطابا معهم ، والوقار الرّزانة والعظمة ، والرّجاء ضدّ اليأس ، وقد يستعمل في الخوف ، والمعنى اىّ حال لكم؟ أسفهاء أنتم أم مجانين؟ لانّكم لا ترجون لله وقارا فتستعجلونه بالعذاب ، أو اىّ نفع لكم في حالكونكم لا ترجون لله وقارا وعظمة ، أو ما حالكم؟ ـ أمجانين أنتم أم سكارى؟! لانّكم لا تخافون عظمة الله ، أو اىّ نفع لكم في ذلك؟ (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) نطفة قذرة وعلقة ومضغة وعظما ولحما ونفسا ناقصة وكاملة ، أو خلقكم متطوّرين في أحوالكم من الرّضا والسّخط والبسط والقبض والغنى والفقر والعزّة والذّلّة من غير تصرّف لكم فيها ومن دون ارادة واختيار ، فما لكم لا ترجون رزانته وقد شاهدتموها في تطوّراتكم الخلقيّة ، أو ما لكم لا تخافون عظمته وقد شاهدتموها في تطوّراتكم في أحوالكم (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) هذه أيضا من كلام نوح (ع) استشهادا على عظمته ، أو من كلام الله تعالى (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) مثّل الشّمس بالسّراج في مقابل القمر للاشعار بانّ نورها من ذاتها كالسّراج دون القمر ، وللاشارة الى انّها بضوئها تزيل ظلمة اللّيل كالسّراج (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) انشأكم منها من غير مداخلة اختياركم فيه (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) بجعل أبدانكم وأوائل موادّكم جزء منها وقد كنتم متّحدين معها مدّة حياتكم ، أو الله أنبتكم بحسب نفوسكم من ارض أبدانكم ونطفكم نباتا منكورا لا تعرفونها ، ثمّ يعيدكم فيها بعد اختياركم بتوجّهكم الى أبدانكم بلوازم معاشكم (وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) يعنى يوقع ذلك بكم مكرّرا ، أو يخرجكم بالموت إخراجا ، أو يخرجكم من أبدانكم البرزخيّة إخراجا منكورا لكم (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) واسعات ، ومن يفعل ذلك ينبغي ان يرجى له الرّزانة أو يخاف منه العظمة (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) اى الرّؤساء الّذين أبطرهم كثرة أموالهم وأولادهم (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) كبيرا غاية الكبارة (وَقالُوا) فيما بينهم (لا تَذَرُنَ