للرّمى له وقد مضى في سورة الحجر بيان لهذه الآية ولاستماع الجنّ وردعهم بالشّهب (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ) فانّ تغيير أوضاع السّماء يدلّ على حدوث حادث عظيم (أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) خيرا وصلاحا (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا) قوم (دُونَ ذلِكَ) في الصّلاح أو دون ذلك بانّ بعضهم في غاية الشّرارة وبعضهم لا يكون في غاية الشّرارة يعنى منّا غير صالحين (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) اى ذوي طرائق مختلفة متفرّقة ، أو كنّا بأنفسنا طرائق متفرّقة ، أو الطّرائق بمعنى الأماثل (وَأَنَّا ظَنَنَّا) اى علمنا ، والإتيان بالظّنّ لما سبق مكرّرا انّ علوم النّفوس شأنها شأن الظّنّ في مغايرتها لمعلوماتها وجواز انفكاك معلوماتها عنها (أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ) أينما كنّا فيها (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) حال أو تميز أو مفعول مطلق لمحذوف حال يعنى ظنّنا انّا لن نعجزه إذا هربنا منه الى السّماء (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى) اى القرآن أو الرّسالة أو الولاية (آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ) الفاء للسّببيّة (فَلا يَخافُ بَخْساً) نقصا أو ظلما أو مشاحّة في الحساب أو فقأ لعينه (وَلا رَهَقاً) قد مضى الرّهق قبيل ذلك ، عن الكاظم (ع) انّه قال : الهدى الولاية ، آمنّا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ، قيل : تنزيل؟ قال : لا ، تأويل (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) اى الخارجون عن الحقّ (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) عن الباقر (ع) اى الّذين اقرّوا بولايتنا (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) يعنى يحرقون به أو يوقد الجحيم بهم (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) ان هذه مخفّفة من الثّقيلة والمجموع معطوف على قوله انّه استمع نفر ، أو ان زائدة في الكلام والجملة ابتداء كلام من الله (عَلَى الطَّرِيقَةِ) اى الولاية أو الطّريقة المعهودة المأخوذة من الآباء وهي طريقة الكفر ، ونظير الوجهين قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وقوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) اى كثيرا ، لمّا كان الماء عزيز الوجود في ملك العرب وكان جلّ الخيرات منوطا به كنّى به عن كثرة الخيرات ، وعن الصّادق (ع): لأفدناهم علما كثيرا يتعلّمونه من الائمّة (ع) ، وعن الباقر (ع) يعنى لو استقاموا على ولاية أمير المؤمنين (ع) علىّ (ع) والأوصياء (ع) من ولده وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لأسقيناهم ماء غدقا يقول : لا شربنا قلوبهم الايمان (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) لنختبرهم في ذلك الماء ، أو لنعذّبهم بسببه (وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ) اى عن ذكره لربّه أو ذكر ربّه له ، أو عمّا به ذكر ربّه ، وأصل ما به ذكر الرّبّ علىّ (ع) وولايته كما روى عن ابن عبّاس انّه قال : ذكر ربّه ولاية علىّ بن ابى طالب (ع) (يَسْلُكْهُ) اى يدخله (عَذاباً صَعَداً) صاعدا كلّ العذاب أو غالبا وغالبا على المعذّب (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) اى مختصّة به (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) فيها ، أو المعنى فلا تدعوا مع مظاهر الله الّتى هي المساجد أحدا ، وقد فسّر المساجد هاهنا بالوجه واليدين والرّكبتين والإبهامين ، وعن الكاظم (ع) انّ المساجد هم الأوصياء (ع) وقد سبق في سورة البقرة عند قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) (الآية) بيان للمساجد (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ) يعنى محمّدا (ص) (يَدْعُوهُ) اى يعبده ، أو يدعوه بلسانه ، أو يقول : لا اله الّا الله أو يقرأ القرآن ، أو يدعو اليه وهو من جملة ما اوحى اليه (ص) ، أو هو من قول الجنّ بعضهم لبعض (كادُوا) يعنى الجنّ لاستماع دعائه أو أصحابه لاستماع القرآن وأحاديثه ، أو قريشا لمنعه وردعه (يَكُونُونَ