لقصورها وتقصيرها ونسبتها الى نفسها ، ومرتبة منها تسمّى بالمطمئنّة لاطمئنانها عن كدّ الطّلب لخروجها من قوّتها الى الفعليّات (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) هذه قرينة جواب القسم المحذوف (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) قيل : نزلت في عدىّ بن ربيعة سأل رسول الله (ص) عن امر القيامة فأخبره به فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم اصدّقك أو يجمع الله هذه العظام؟ (بَلى) نجمعها (قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) الّتى فيها دقائق الصّنع وصغار المفاصل والأوتار ، وقيل : المعنى على ان نسوّى بنانه فنجعلها كالخفّ والحافر ولكن هذا المعنى غير مناسب هاهنا (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ) يعنى ليس إنكاره البعث لالتفاته الى الآخرة وانجرار دليله الى الإنكار بل لاقامته على الفجور وعدم نزوعه عنه وعدم التفاته الى البعث والآخرة (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) اى في مستقبل امره (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) استهزاء وهو لا يدرى انّه في الذّهاب الى القيامة وانّ القيامة لا تكون في الزّمان بل هي خارجة عن حدّ الزّمان (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) كناية عن شخوص البصر وعدم القدرة على تحريك الجفن ، وهذه كناية شائعة عن ذلك في العرب والعجم (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) ذهب ضوؤه (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) وهذه أمارات الموت وأمارات القيامة الصّغرى وأمارات ظهور القائم (ع) (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) يعنى لا مفرّ (كَلَّا) ردع عن تمنّى المفرّ (لا وَزَرَ) لا ملجأ ولا معتصم (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) لا استقرار لأحد الى أحد الّا الى ربّك المضاف وهو الرّبّ في الولاية وهو علىّ (ع) (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) بما عمل وما ترك من خير وشرّ ، أو بما عمل في حياته وما سنّ من سنّة يعمل بها بعد مماته ، أو بما قدّم من ماله في حياته لنفسه وما ترك لورثته (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) البصيرة للقلب كالبصر للجسد ، وتستعمل بمعنى الحجّة وتكون مؤنّث البصير ، فاذا كانت مؤنّث البصير يكون التّقدير عين بصيرة ، أو المراد انّ الإنسان بجوارحه بصير على نفسه فانّث الخبر لاقامة الإنسان مقام الجوارح ، أو التّاء ليست للتّأنيث بل للمبالغة (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) ولو اعتذر الى النّاس بكلّ ما يعتذر به فانّ إلقاء الاعذار وان كان يخفى الشّرّ على الأغيار لكنّه لا يستره على نفسه يعنى يعلم ما صنع وان اعتذر ، عن الصّادق (ع): ما يصنع أحدكم ان يظهر حسنا ويستر سيّئا أليس إذا رجع الى نفسه يعلم انّه ليس كذلك والله عزوجل يقول : بل الإنسان على نفسه بصيرة انّ السّريرة إذا صلحت قويت العلانية ، وفي خبر من اسرّ سريرة ألبسه الله رداءها ، ان خيرا فخير وان شرّا فشرّ (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) الخطاب لمحمّد (ص) والمعنى لا تحرّك بالقرآن لسانك قبل ان يتمّ وحيه لتأخذه على عجلة مخافة ان ينفلت منك ، روى انّه كان النّبىّ (ص) إذ انزل عليه القرآن عجّل بتحريك لسانه لحبّه ايّاه وحرصه على اخذه مخافة ان ينساه ، أو المعنى لا تحرّك بما أردت إظهاره من البراءة من معاوية كما سيأتى ، وقيل : الخطاب عامّ والمقصود تقريع المسيئين يوم القيامة بهذا الخطاب فانّه إذا اوبى العباد يوم القيامة كتب أعمالهم وينظر الإنسان الّذى هو على نفسه بصيرة ويرى سيّئاته ضجر فيقال له توبيخا : لا تعجل بقراءة كتابك (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) اى تأليفه وتنظيمه (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) روى انّه كان النّبىّ (ص) بعد هذا إذا نزل عليه جبرئيل أطرق فاذا ذهب قرأ (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) اى إظهار حقائقه عليك لتتحقّق بها (كَلَّا) قيل : ردع عن إلقاء المعاذير وما بينهما اعتراض ، وكونه ردعا عن التّعجيل والتّحريك اولى (بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) يعنى ليس إلقاء المعاذير لاصلاح النّفوس أو لجهل نقائص النّفس بل لحبّ الدّنيا وإصلاحها (وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) جواب سؤال مقدّر عن حال الآخرة