بمعنى المظلّة (وَذُلِّلَتْ) اى سهلت (قُطُوفُها) للجنىّ (تَذْلِيلاً) فانّ ثمارها كأنّها باختيار الجاني يجنيها متى شاء وكيف شاء وعلى اىّ حال شاء (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ) جمع الكوب وهو كوز لا عروة له ولا خرطوم (كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا) قرئ فيهما بالتّنوين للمناسبة ، وقرئ في الاوّل فقط بالتّنوين (مِنْ فِضَّةٍ) يعنى كانت الأكواب مثل القوارير في الصّفاء والشّفيف ، أو كانت القوارير مأخوذة من الفضّة لا من سائر الأحجار مثل قوارير الدّنيا (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) صفة للاكواب أو للآنية والأكواب والمعنى أكواب كان المؤمنون يقدّرون قدرها في أنفسهم ، أو كانوا يتمنّونها ، أو كان الغلمان المديرون يقدّرونها بقدر ميل المؤمنين ، وقرئ قدّروها على البناء للمفعول (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) الكأس تطلق على الخمر ولذلك تؤنّث ، ولمّا كان السّالك الباقي عليه من نفسه بقايا لا بدّ له من حرارة الطّلب واشتياق السّير في عالم الصّفات الّتى لا نهاية لها كان قد يسقى من الشّراب الزّنجبيلىّ الّذى به يشتدّ حرارة طلبه والتذاذ سيره ووجده (عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) بدل من كأسا بدل الاشتمال ، والسّلسّبيل الشّراب السّهل الدّخول في الحلق ، اللّذيذ في المذاق يقال : شراب سلسل وسلسال وسلسبيل كذا في المجمع (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ) جمع الوليد بمعنى الغلام (مُخَلَّدُونَ) دائمون في الجنّة ، أو مخلّدون على حال الغلمان (إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً) في الصّفاء والحسن والتّلألؤ (مَنْثُوراً) متفرّقا غير منظوم في الكثرة أو في الخدمة (وَإِذا رَأَيْتَ) شيئا (ثَمَ) في الجنّة حذف المفعول للاشارة الى انّ كلّما كان مرئيّا هناك كان مشتملا على جميع ما يكون في المملكة الكبيرة (رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) واسعا جدّا فانّ أدناهم منزلة ينظر في ملكه من مسيرة الف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وقيل : هو القدرة على ما يتمنّى ونفاذ الأمر ، وقيل : هو استيذان الملائكة ورسل الله (ع) على المؤمنين (عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) اى مارقّ من الحرير وما غلظ (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) يطهّرهم من كلّ ما كان منسوبا إليهم من الأموال والأفعال والأوصاف والذّوات حتّى لا يبقى فيهم سوى محبوبهم فيصير لذّتهم خالصة غير مشوبة وغير محجوبة ، في خبر : يطهّرهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشّعر ، وفي خبر : يطهّرهم من كلّ شيء سوى الله (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً) خطاب من الله لعباده في الدّنيا أو منه أو من الملائكة لعباده في الآخرة (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) يعنى انّ قرآن ولاية علىّ (ع) ليس الّا من عندنا فما لك تخشى عن النّاس وتخفيه عنهم وتخاف عن ردّهم أو ارتدادهم أو صرف علىّ (ع) عن حقّه (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) ولا تحزن على ما يقولون في حقّ علىّ (ع) ولا تغيّر ما نزّلناه عليك (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً) عاصيا لك في علىّ (ع) (أَوْ كَفُوراً) ساترا لولايته أو ساترا لنبوّتك فبينهما عموم من وجه (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) اسم الرّبّ هو اللّطيفة الانسانيّة الّتى هي الولاية التّكوينيّة وتتقوّى بالولاية التّكليفيّة ثمّ صاحب الولاية والرّسالة ثمّ كلّ من قبل الولاية ثمّ كلّ وجود عينىّ امكانىّ ثمّ الألفاظ والحروف الموضوعة ثمّ النّقوش المكتوبة ، وذكر الكلّ من حيث كونها أسماء الرّبّ مأمور به ونافع للإنسان ومورث لنجاته من المهاوى والنّيران (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) دائما أو في هذين الوقتين مخصوصا لشرافتهما (وَمِنَ اللَّيْلِ) الّذى هو مظهر عالم الطّبع ومظهر ظلمة النّفس وانانيّاتها (فَاسْجُدْ لَهُ) بكسر