لا اسم له ولا رسم ولا صفة له ولا خبر عنه ، والواحد اسم لمقام ظهوره تعالى بأسمائه وصفاته ففي مقام الواحديّة هو متكثّر بكثرة الأسماء والصّفات بحيث لا ينثلم وحدته بها ، وفي مقام الاحديّة لا كثرة فيه لا في الواقع ولا في العقل ولا في الاعتبار.
معنى الصّمد
والصّمد بالتّحريك السّيّد لانّ الصّمد بالسّكون بمعنى القصد والسّيّد من شأنه ان يقصد ، والدّائم والرّفيع والمصمت الّذى لا جوف له ، والرّجل الّذى لا يعطش ولا يجوع في الحرب ، خاطب الله سبحانه نبيّه (ص) في مقام انسلاخه عن جميع الكثرات وجميع الاعتبارات بقوله : قل يا محمّد (ص) في ذلك المقام مشيرا الى الذّات بدون اعتبار صفة من الصّفات.
تفسير السّورة
هو ، فانّ لفظ هو اسم له تعالى مجرّدا عن جميع الاعتبارات حتّى عن اعتبار التّعيّن ، الله يعنى انّ الذّات المجرّدة عن اعتبار الصّفات عين الذّات المعتبرة باعتبار جميع الأسماء والصّفات لا مغايرة بينهما الّا بالاعتبار ، فانّ الله اسم للذّات باعتبار جملة الصّفات ولذلك قيل : انّه امام الائمّة وقد مضى بيان لفظ الله في اوّل الفاتحة ، أحد يعنى انّه في عين استجماعه لجملة الصّفات منزّه عن جميع الكثرات لا يشوبه كثرة من كثرة الصّفات ، الله الصّمد اى السّيّد المصمود الّذى يصمده كلّ موجود وانتهى سؤدده ومصموديّته فانّه يستفاد الانتهاء في ذلك من الحصر المستفاد من تعريف المسند ، والدّائم الّذى لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ، والمرتفع الّذى لا رفيع فوقه ، والقائم بنفسه الغنىّ عن غيره ، لم يلد بانفصال شيء منه سواء كان المنفصل ولدا مماثلا له أو شيئا غير مماثل له فانّه لا مباين له حتّى يكون منفصلا منه أو غير منفصل ، ولم يولد ولم ينفصل هو من شيء من الأشياء فانّه لا شيء غيره حتّى يكون هو منفصلا منه ومباينا له ، ولم يكن له كفوا أحد تقديم الظّرف لشرافته ، وتقديم الخبر للاهتمام بنفي الكفاءة ولمراعاة رؤس الآي ، وقد ورد في بعض الاخبار ما يدلّ على اعتبار الحروف في الأسماء ، وما يدلّ على انّ دلالة الأسماء على المسميّات ليست بمحض المواضعة بل يعتبر المناسبات الذّاتيّة بين الأسماء وحروفها وبين المسميّات فانّه ورد عن الباقر (ع) انّه قال : قل اى أظهر ما أوحينا إليك ونبّأناك به لتأليف الحروف الّتى قرأناها لك ليهتدى بها من القى السّمع وهو شهيد ، وهو اسم مكنّى مشار به الى غائب ، فالهاء تنبيه على معنى ثابت ، والواو اشارة الى الغائب عن الحواسّ كما انّ قولك هذا اشارة الى الشّاهد عند الحواسّ وذلك انّ الكفّار نبّهوا عن الهتهم بحرف اشارة الشّاهد المدرك ، فقالوا : هذه الهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار فأشر أنت يا محمّد (ص) الى إلهك الّذى تدعو اليه حتّى نراه وندركه ولا نأله فيه ، فأنزل الله تبارك وتعالى : قل هو فالهاء تثبيت للثّابت ، والواو اشارة الى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواسّ وانّه تعالى عن ذلك بل هو مدرك الأبصار ومبدع الحواسّ ، قال (ع): الله معناه المعبود الّذى أله الخلق عن درك مائيّته والاحاطة بكيفيّته ، ويقول العرب : أله الرّجل إذا تحيّر في الشّيء فلم يحط به علما ، ووله إذا فزع الى شيء ممّا يحذره ويخافه ، والإله هو المستور عن حواسّ الخلق ، قال (ع): الأحد الفرد المتفرّد ، والأحد والواحد بمعنى واحد وهو المتفرّد الّذى لا نظير له ، والتّوحيد الإقرار بالوحدة وهو الانفراد ، والواحد المتباين الّذى لا ينبعث من شيء ولا يتّحد بشيء ومن ثمّ قالوا : انّ بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد لانّ العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين فمعنى قوله : الله أحد اى المعبود الّذى يأله الخلق عن إدراكه والاحاطة بكيفيّته فرد بالهيّته متعال عن صفات خلقه ، قال (ع): وحدّثنى ابى زين العابدين (ع) عن أبيه الحسين بن علىّ (ع) انّه قال : الصّمد الّذى لا جوف له والصّمد الّذى قد انتهى سؤدده ، والصّمد الّذى لا يأكل ولا يشرب ، والصّمد الّذى لا ينام ، والصّمد الدّائم الّذى لم يزل ولا يزال ، قال (ع): كان محمّد بن الحنفيّة يقول : الصّمد القائم بنفسه والغنىّ عن غيره ، وقال غيره : الصّمد المتعالي عن الكون والفساد ، والصّمد الّذى لا يوصف بالتّغاير قال (ع): الصّمد السّيّد المطاع