الّذى ليس فوقه آمر ولا ناه ، قال (ع): وسئل علىّ بن الحسين (ع) عن الصّمد فقال : الصّمد الّذى لا شريك له ولا يؤده حفظ شيء ولا يعزب عنه شيء ، وروى عن زيد بن علىّ (ع) انّه قال : الصّمد الّذى إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون ، والصّمد الّذى أبدع الأشياء فخلقها اضدادا واشكالا وأزواجا ، وتفرّد بالوحدة بلا ضدّ ولا شكل ولا مثل ولا ندّ ، وعن الصّادق (ع) عن أبيه (ع) انّ أهل البصرة كتبوا الى الحسين بن علىّ (ع) يسألونه عن الصّمد فقال : كتب إليهم بسم الله الرّحمن الرّحيم امّا بعد فلا تخوضوا في القرآن ولا تجادلوا فيه ولا تتكلّموا فيه بغير علم فقد سمعت جدّى رسول الله (ص) يقول : من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النّار ، وانّ الله سبحانه قد فسّر الصّمد فقال الله : قل هو الله أحد الله الصّمد ثمّ فسّره فقال : لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، لم يلد يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة الّتى تخرج من المخلوقين ، ولا شيء لطيف كالنّفس ولا تنشعب منه البدوات كالسّنة والنّوم والخطرة والهمّ والحزن والضّحك والبكاء والخوف والرّجاء والرّغبة والسّأمة والجوع والشّبع ، تعالى عن ان يخرج منه شيء وان يتولّد منه شيء كثيف أو لطيف ، ولم يولد ولم يتولّد من شيء ولم يخرج من شيء كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشّيء من الشّيء والدّابّة من الدّابّة والنّبات من الأرض والماء من الينابيع والثّمار من الأشجار ، ولا كما يخرج الأشياء اللّطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسّمع من الاذن ، والشّمّ من الأنف ، والذّوق من الفم ، والكلام من اللّسان ، والمعرفة والتّميز من القلب ، وكالنّار من الحجر ، لا بل هو الله الصّمد الّذى لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء مبدء الأشياء وخالقها ، ومنشئ الأشياء بقدرته ، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيّته ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه ، فذلكم الله الصّمد الّذى لم يلد ولم يولد عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال ، ولم يكن له كفوا أحد ، وعن الصّادق (ع) انّه قدم وفد من فلسطين على الباقر (ع) فسألوه من مسائل ، فأجابهم ، ثمّ سألوه عن الصّمد فقال : تفسيره فيه ، الصّمد خمسة أحرف ، فالالف دليل على انيّته وهو قوله عزوجل : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وذلك تنبيه واشارة الى الغائب عن درك الحواسّ ، واللّام دليل على الهيّته بانّه هو الله ، والالف واللّام مدغمان ولا يظهر ان على اللّسان ولا يقعان في السّمع ويظهر ان في الكتابة دليلان على انّ الهيّته بلطفه خافية لا تدرك بالحواسّ ولا تقع في لسان واصف ولا اذن سامع لانّ تفسير الإله هو الّذى أله الخلق عن درك مائيّته وكيفيّته بحسّ أو بوهم لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواسّ وانّما يظهر ذلك عند الكتابة فهو دليل على انّ الله تعالى أظهر ربوبيّته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللّطيفة في أجسادهم الكثيفة فاذا نظر عبد الى نفسه لم ير روحه كما انّ لام الصّمد لا يتبيّن ولا يدخل في حاسّة من حواسّه الخمس فاذا نظر الى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف ، فمتى تفكّر العبد في مائيّة الباري وكيفيّته أله فيه وتحيّر ولم تحط فكرته بشيء يتصوّر له لانّه عزوجل خالق الصّور فاذا نظر الى خلقه ثبت له انّه عزوجل خالقهم ومركّب أرواحهم في أجسادهم ، وامّا الصّاد فدليل على انّه عزوجل صادق ، وقوله صدق ، وكلامه صدق ، ودعا عباده الى اتّباعه الصّدق بالصّدق ، ووعد بالصّدق دار الصّدق ، وامّا الميم فدليل على ملكه وانّه الملك الحقّ لم يزل ولا يزول ملكه ، وامّا الدّال فدليل على دوام ملكه وانّه عزوجل دائم تعالى عن الكون والزّوال بل هو عزوجل مكوّن الكائنات الّذى كان بتكوينه كلّ كائن ثمّ قال (ع) : لو وجدت لعلمي الّذى أتاني الله عزوجل حملة لنشرت التّوحيد والإسلام والايمان والدّين والشّرائع من الصّمد وكيف لي بذلك ولم يجد جدّى أمير المؤمنين (ع) حملة لعلمه حتّى كان يتنفّس الصّعداء ويقول على المنبر: سلوني قبل ان تفقدوني ، فانّ بين الجوانح منّى علما جمّا هاه هاه الا لا أجد من يحمله ألا وإنّي عليكم من الله الحجّة البالغة ف (لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) ، وعن الصّادق (ع) انّه سأله سائل عن التّوحيد فقال : انّ الله عزوجل علم انّه يكون في آخر الزّمان أقوام متعمّقون فأنزل الله