احاطته بكلّ شيء ولذلك قال (أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) لمّا كان الله تعالى بحسب وجود ذاته بلا نهاية وليس له حدّ يحدّ وجوده ولا نهاية ينتهى إليها فلا بدّ ان لا يخرج من حيطة وجوده شيء من الأشياء فانّه لو خرج من وجوده ذرّة تحدّ به ومن حدّه فقد عدّه ، ومن عدّه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّاه ، ومن جزّاه فقد جهله ، ونعم ما قيل برهانا عليه :
اى خداى بى نهايت جز تو كيست |
|
چون توئى بيحدّ وغايت جز تو كيست |
هيچ چيز از بى نهايت بيشكى |
|
چون برون نامد كجا ماند يكى |
واحاطته بالأشياء ليست كاحاطة الظّرف بالمظروف أو المكان بالمتمكّن بل كاحاطة المقوّم بالمتقوّم ، فانّه مع كلّ شيء بالقيّوميّة وغير كلّ شيء بحسب حدوده.
سورة الشّورى
ثلاث وخمسون آية ، وقيل : خمسون آية مكّيّة ، وقيل : الّا قوله : والذين استجابوا
(الى قوله) لا يحبّ الظّالمين ، وقيل : الّا اربع آيات نزلن بالمدينة : قل لا اسألكم
عليه اجرا الّا المودّة في القربى (الى قوله) والكافرون لهم عذاب شديد.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم عسق كَذلِكَ) الوحي الّذى أوحينا إليك قبل ذلك من اخبار المغيبات ومن الأحكام والمواعظ (يُوحِي إِلَيْكَ) بعد هذا الزّمان ، أو كذلك الوحي بالرّمز والحروف المقطّعة الّذى أوحينا إليك قبل ذلك يوحى إليك بعد ذلك ، أو كذلك الوحي المحفوف بأذى القوم وإنكارهم الّذى أوحينا إليك يوحى بعد ذلك ، أو كذلك الوحي باهلاك القوم وإسكان الأرض يوحى إليك (وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) اى واوحى الى الّذين من قبلك وأتاه بطريق عطف المفرد للاغتفار في الثّوانى أو لتقدير المعطوف بقرينة المعطوف عليه ، وقرئ : يوحى بالبناء للفاعل ، وبالبناء للمفعول ، وإذا كان مبنيّا للمفعول فقوله تعالى (اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يكون فاعل فعل محذوف أو مبتدء والجملة مستأنفة في موضع التّعليل وخبره العزيز أو الحكيم أو قوله تعالى (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) والمعنى له السّماوات والأرض وما فيهما (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ) من جهة فوقهنّ أو من فوق الأراضي (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ) عطف على السّماوات عطف المفرد ، ويسبّحون مستأنف أو عطف مع يسبّحون على اسم تكاد وخبره ، أو الجملة معطوفة على جملة (تَكادُ السَّماواتُ) (الى آخره) (بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) يعنى لمؤمنى الأرض فانّهم عقلاء حقيقة وغيرهم ملحقون بالبهائم كما سبق