في سورة المؤمن عند قوله تعالى ويستغفرون للّذين آمنوا قال القمىّ ، للمؤمنين من الشّيعة التّوابين خاصّة ، ولفظ الآية عامّ والمعنى خاصّ ومراده بالتّوّابين التّوّابون في ضمن البيعة الخاصّة ، وعن الصّادق (ع) يستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين لانّ المؤمن الّذى بايع البيعة الخاصّة الولويّة يحصل في قلبه كيفيّة الهيّة هي بمنزلة الانفحة وبتلك الجوهرة الالهيّة يتوجّه اليه الملائكة السّماويّة ويحفّ به الملائكة الارضيّة ويطلبون ستر مساويه من الله ويسترون مساويه ويحفظونه من ظهور المساوى عنه ، وامّا غيره فلا التفات للملائكة السّماويّة اليه ويتنفّر عنه الملائكة الارضيّة فلا يحفّون به ولا يسترون مساويه (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) جواب لسؤال مقدّر (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) اى أولياء حالكونهم غيره ، أو اتّخذوا من دون اذنه أولياء وعلى اىّ تقدير فالمقصود منهم مقابلوا المؤمنين الّذين اتّخذوا عليّا (ع) وليّا (اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) مقابل استغفار الملائكة للّذين بايعوا مع علىّ (ع) أو معنى حفيظ عليهم حافظ جميع أعمالهم على ضررهم ومن كان الله حافظا عليه لا يدع صغيرا ولا كبيرا من اعماله (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ) برسالتك (بِوَكِيلٍ) حتّى تحزن بخلافهم لك أو بعنادهم لعلىّ (ع) ، أو تحفظ عليهم أعمالهم ، أو تحفظهم عن المخالفة لعلىّ (ع) (وَكَذلِكَ) الوحي الّذى نوحى إليك في علىّ (ع) أو مطلقا (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) قبل (قُرْآناً عَرَبِيًّا) بلسان العرب لا بلسان العجم أو ذا حكمة وعلم ومواعظ واحكام ، لا اعرابيّا لم يكن فيه حكمة ومواعظ واحكام (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) أهل امّ القرى (وَمَنْ حَوْلَها) من أهل الأرض جميعا ، فانّ تمام الأرض بالنّسبة الى عالم المثال تكون حول مكّة (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) لتنذر جميع الخلق من كلّ ما ينذر منه من أمور الدّنيا وأمور الآخرة وتنذر من يوم الجمع مخصوصا وهو يوم القيامة لاجتماع الخلائق فيه (لا رَيْبَ فِيهِ) قد مضى بيان عدم الرّيب في أمثاله في اوّل البقرة عند قوله تعالى لا ريب فيه (فَرِيقٌ) من المجتمعين (فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ) منهم (فِي السَّعِيرِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) على دين واحد ومذهب واحد وارادة واحدة هي ارادة الطّاعة ولمّا كان مشيّته بحسب استعداداتهم ما شاء ذلك (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ) بحسب استعداده (فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍ) يتولّى أموره ويجذب خيراته (وَلا نَصِيرٍ) يدفع الضّرّ عنه وينصره في شدائده وقد مضى مكرّرا انّ النّبىّ (ص) بولايته ولىّ وبرسالته نصير ، وغيّر الأسلوب اشعارا بانّ الإدخال في الرّحمة من أوصافه تعالى الذّاتيّة وعقوبة الظّالم من عرضيّات رحمته الرّحمانيّة دون أوصافه الذّاتيّة (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أم هاهنا بمعنى بل مع الهمزة أو مجرّدة عن الهمزة فلا يربحوا (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) لا ولىّ سواه (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى) عن الحيوة الحيوانيّة أو الموتى عن الحيوة الانسانيّة الّتى هي الولاية التّكليفيّة (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) اى ممّا يصدق عليه اسم الشّيء من امر الدّين أو من امر الدّنيا من المعاملات أو المعاشرات أو المناكحات أو التّوارث (فَحُكْمُهُ) راجع (إِلَى اللهِ) يعنى الحكم في ذلك الشّيء بكونه حقّا أو باطلا صحيحا أو فاسدا ينبغي ان يرجع فيه الى الله في الدّنيا بحسب مظاهره الّذين هم مظاهر الولاية وأصل الكلّ علىّ (ع) فانّه ليس عند أحدكم حقّ الّا ما خرج من ذلك البيت ولا يصل البشر الى مقام الغيب حتّى يكون الله يحكم بنفسه بينهم ، وينتهى حكم ذلك في الآخرة الى علىّ (ع) لانّ إياب الخلق اليه وهو قسيم الجنّة والنّار ، وامّا رجوعه الى كتاب الله بمعنى استنباط حكمه منه فممّا لا حاصل له لانّ الكتاب مجمل متشابه والرّجوع اليه من دون الرّجوع الى الامام المبيّن له غير مجد (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) حكاية لقول الرّسول (ع) اى قال الرّسول