لهم ، أو امر له (ص) بهذا القول بتقدير الأمر من القول اى قل لهم ، ذلكم الموصوف بهذه الأوصاف ربّى (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فيما تخوّفوننى به (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) في جميع أموري ، أو أنيب بذاتى في آخر أمري (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) هو من قول الرّسول (ص) أو ابتداء كلام من الله (وَمِنَ الْأَنْعامِ) الثّمانيّة كما مضى في سورة الانعام (أَزْواجاً) اى وخلق من الانعام أزواجا ذكرا وأنثى ، أو أزواجا اهلية ووحشيّة ، أو خلق لكم من الانعام أزواجا (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) اى يكثّركم ويبثّكم في جعل الأزواج من أنفسكم والأزواج من الانعام وهذه الجملة أيضا من قول الرّسول (ص) أو من الله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الكاف زائدة أو اسميّة وهي خبر ليس وحينئذ يكون الكلام مبالغة في نفى المماثلة لا انّه يكون اثباتا للمثل له وقد مضى في اوّل البقرة انّ الله تعالى وجود بحت وبسيط الحقيقة ، واقتضاء بساطته ان لا يكون له ثان والّا كان مركّبا وإذا لم يكن له ثان لم يكن له مثل ولا ضدّ (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) بمنزلة النّتيجة لنفى المثل عنه لانّه إذا لم يكن له مثل فلم يكن سمع الّا كان سمعه ، ولا بصر الّا كان بصره ، والّا كان غيره سميعا وبصيرا مثله فيكون السّمع والبصر محصورا فيه (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) المقلاد كالمفتاح والقلّيد كالسّكّيت الخزانة (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) على قدر استعداده (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فيعلم قدر استعداد كلّ واستحقاقه (شَرَعَ لَكُمْ) اى جعل لكم مشرعا وجادّة (مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) الجمل السّابقة يحتمل كلّ منها كونه من قول الرّسول (ص) وكونه ابتداء كلام من الله كما أشرنا اليه وكان قوله تعالى (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) عطفا على (ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) عطف المفرد ويجوز ان يكون مستأنفا من الله سواء جعلت الجمل السّابقة من الله أو من الرّسول (ص) ويكون حينئذ مبتدء وخبره ان أقيموا الدّين أو كبر على المشركين ويكون العائد مستترا في كبر وما تدعوهم اليه بدلا منه (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) ان تفسيريّة أو مصدريّة والدّين يطلق على الطّريق الى الله ، والطّريق الى الله تكوينا هي الولاية التّكوينيّة وتكليفا الولاية التّكليفيّة وقد فسّر بعلىّ (ع) وعلى الأعمال الّتى تعين السّالك على الطّريق في سيره ولذلك يسمّى الملّة دينا ، واقامة الدّين بوصل كلّ مرتبة من الطّريق الى المرتبة الاخرى وبوصل اعمال كلّ مرتبة منها الى اعمال المرتبة الاخرى نظير اقامة الصّلوة وقد مضى تفصيل اقامة الصّلوة في اوّل البقرة (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) في الدّين اى الأعمال اللّازمة للطّريق أو نفس الطّريق أو في علىّ (ع) وولايته بان اختار كلّ عملا وطريقا مغايرا لعمل الآخر وطريقه ، أو بان يكون كلّ له طرق عديدة واعمال مختلفة ، أو يكون في عمله اهوية عديدة وأغراض كثيرة (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ) بالله أو بالولاية (ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من التّوحيد وحصر العبادة في الله أو من الولاية (اللهُ يَجْتَبِي) اى يولّى بالاجتباء (إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) فلا تحزن أنت على ادبارهم عن الله أو عن علىّ (ع) (وَيَهْدِي) اى يوصل أو يسلك (إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) من يرجع اليه ، عن الصّادق (ع) ان أقيموا قال الامام (ع) ولا تتفرّقوا فيه كناية عن أمير المؤمنين (ع) ما تدعوهم اليه من ولاية علىّ (ع) من يشاء كناية عن علىّ (ع) وبهذا المضمون وبالقرب منه اخبار كثيرة ، ولمّا كان القرآن ذا وجوه كثيرة كان هذا أحسن وجوهه (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) بصحّة دين نبيّهم أو بصدق خلافة علىّ (ع) فقبل بعضهم عن علم ، وأنكر بعضهم حسدا (بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بإمهالهم (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بالإهلاك للمنكر والخلاص للمقرّ من بين المنكر