(وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ) بعد الأنبياء (ع) وأممهم (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) وقد فسّر بغيا بينهم ببغى بعضهم على بعض لمّا رأوا من تفاضل أمير المؤمنين (ع) وقوله تعالى لفي شكّ منه مريب بانّه كناية عن الّذين نقضوا امر رسول الله (ص) (فَلِذلِكَ فَادْعُ) اى للدّين وإقامته ، أو لعلىّ (ع) وولايته واللّام بمعنى الى أو للتّعليل ، ويكون المعنى ادع جميع النّاس الى الشّريعة الّتى شرعتها لك لأجل الولاية فانّ الإسلام اى الشّريعة هداية الى الولاية ، ولو لم يكن الولاية لم يكن للإسلام فائدة ، وعن الصّادق (ع) يعنى الى ولاية أمير المؤمنين (ع) (وَاسْتَقِمْ) واعتدل وتمكّن في الدّين (كَما أُمِرْتَ) كاستقامة أمرت بها وهي الاستقامة في جميع المقامات وفيما فوق الإمكان وهو حقيقة الولاية ولعدم انضمام الامّة معه (ص) هاهنا لم يرد منه ما ورد في سورة هود من قوله : شيّبتنى سورة هود (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) في الدّين أو في ولاية أمير المؤمنين (ع) (وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) في الأمم الماضية وفي هذا الزّمان حتّى يكون تعريضا بالايمان بكتاب ولاية علىّ (ع) وتعريضا بهم في عدم الايمان بولاية علىّ (ع) (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) ومن العدالة بينكم اقامة رجل منكم إماما لكم لرفع الخلاف بينكم بعد وفاتي واقامة عوجكم (اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) فما أقول لكم من الأمر والنّهى نفعه لكم وضرّه عليكم لا نفع ولا ضرّ منه علىّ حتّى تتّهمونى في ذلك (لا حُجَّةَ) لا محاجّة (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) لظهور الحقّ وبرهانه وعدم الحاجة الى المحاجّة فهو بمنزلة المتاركة معهم (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) تهديد لهم بمحاكمة الله بينهم (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) فيحكم للمحقّ على المبطل (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) اى يحاجّون الله في علىّ (ع) بعد الموت أو في القيامة أو في عبادة الله ومعصيته بعد الموت أو في القيامة ، أو يحاجّون خلفاء الله والمؤمنين في حقّ الله اى في دينه أو في حقّيّته وثبوته أو في عبادته أو في الإشراك به أو في السّلوك اليه أو في توحيده أو في مظاهره يعنى في نبوّتهم وخلافتهم خصوصا في خلافة علىّ (ع) أو في إعادته ، وفي الجملة في جملة صفاته الحقيقيّة أو الاضافيّة وفي جملة أفعاله وفي مظاهره (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) في ندائه ونداء ملائكته للموت أو في ندائه في القيامة للحساب ، أو من بعد ما استجيب له في نداء خلفائه ودعوتهم وظهور حجّتهم وعدم بقاء الاشتباه في حقّيّتهم ، أو من بعد ما استجيب للنّبىّ (ص) دعاءه على الكافرين والمشركين بقتلهم يوم بدر وبقحط أهل مكّة وبنى مضر ، أو من بعد ما استجيب للنّبىّ (ص) في إعطاء المعجزات أو من بعد ما استجيب لأجل النّبىّ (ص) فانّ اليهود كانوا يستفتحون بمحمّد (ص) ويجابون في استفتاحهم (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) اى باطلة (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) لكونهم ظالمين في محاجّتهم (وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ) كتاب النّبوّة والرّسالة أو كتاب الولاية والقرآن صورة الكلّ (بِالْحَقِ) بسبب الحقّ المخلوق به أو متلبّسا بالحقّ والجملة مستأنفة جواب لسؤال مقدّر وتسلية للرّسول في محاجّتهم كأنّه قيل : هل لهم ان يبطلوا الكتاب أو يمنعوا عليّا (ع) عن مقامه أو يبطلوا الدّين؟ ـ فقال تعالى : الله لا غيره هو الّذى انزل الكتاب بالحقّ فلا يأتيه البطلان (وَالْمِيزانَ) قد سبق في اوّل سورة الأعراف وفي سورة الأنبياء بيان اجمالىّ للوزن والميزان ، ولمّا كان المراد بالكتاب النّبوّة أو الرّسالة أو الولاية أو الكتاب التّدوينىّ الّذى هو صورة الكلّ أو الأحكام الملّيّة الّتى هي أيضا صورة الكلّ وكان كلّ منها ميزانا لوجود العباد وأعمالهم وأحوالهم وأخلاقهم وأقوالهم عطف على الكتاب الميزان (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) فلا تحزن على عدم مؤاخذتهم ، والخطاب عامّ أو خاصّ بالنّبىّ (ص) وتعريض بالامّة وتهديد للكفّار ومنافقي الامّة ، ولجعل قريب شبيها بالفعيل بمعنى المفعول قد يسوّى فيه بين المذكّر والمؤنّث (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) اى لا يذعنون