على الطّرق الّتى عبرتها أو اتركه منفتحا وسيعا حتّى يطمع فرعون وقومه للدّخول ، وقيل : لمّا قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم وخاف ان يتّبعه فرعون وجنوده فقيل له : واترك البحر رهوا اى كما هو طريقا يابسا ، والرّهو السّير السّهل والمكان المرتفع والمنخفض (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) جواب لسؤال مقدّر عن علّة الحكم أو عن حالهم (كَمْ تَرَكُوا) جواب لسؤال آخر كأنّه قيل : فما فعل بهم؟ ـ وما صار حالهم؟ ـ فقال: كم تركوا (مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) اى متمازحين آتين بظرافة الكلام أو متلذّذين (كَذلِكَ) كانوا أو الأمر كذلك أو حالكونهم ثابتين كذلك (وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ) هم بنو إسرائيل (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) تمثيل لعدم الاعتناء بهلاكهم فانّه مثل في العرب والعجم لابتلاء قوم ببليّة ولم يكن اعتناء بهم وببلائهم ، عن أمير المؤمنين (ع) انّه مرّ عليه رجل عدوّ لله ولرسوله فقال : فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين ثمّ مرّ عليه الحسين (ع) ابنه فقال : لكن هذا لتبكينّ عليه السّماء والأرض ، قال : وما بكت السّماء والأرض الّا على يحيى بن زكريّا (ع) وعلى الحسين (ع) بن علىّ ، وفي خبر فما بكاؤها؟ ـ قال : كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء ، وفي خبر : بكت السّماء على الحسين (ع) أربعين يوما بالدّم (وَما كانُوا مُنْظَرِينَ وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) هو استعبادهم وامر القبطىّ لهم بحمل الطّين على السّلاليم مع انّهم كانوا في القيود وقتل أبنائهم واستحياء نسائهم (مِنْ فِرْعَوْنَ) بدل نحو بدل الاشتمال (إِنَّهُ كانَ عالِياً) مسلّطا على ارض مصر (مِنَ الْمُسْرِفِينَ وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ) حال عن الفاعل أو المفعول (عَلَى الْعالَمِينَ) على عالمي زمانهم (وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ) كفلق البحر وتظليل الغمام وإيتاء المنّ والسّلوى (ما فِيهِ بَلؤُا) اى نعمة أو اختبار (مُبِينٌ) أو المعنى آتينا فرعون وقومه من الآيات الدّالّة على صدق موسى (ع) في رسالته وصدقه في إيتاء العذاب أو آتينا القبطيّين والسّبطيّين من الآيات ما فيه اختبار ونعمة ظاهرة (إِنَّ هؤُلاءِ) قريش بعد ذكر قصّة قوم فرعون لتهديد قريش ذكر حال قريش بنحو كونها جوابا لسؤال مقدّر (لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) اى ان الموتة ، أو ان الفتنة ، أو ان العاقبة ونهاية الأمر الّا موتتنا الاولى إنكارا للمعاد (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) معادين مبعوثين (فَأْتُوا بِآبائِنا) الميّتين بالموتة الاولى (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في وعد الاعادة والثّواب والعقاب ، جعلوا الاعادة والبعث في الآخرة والانتهاء عن الدّنيا في الدّنيا ، فقاسوا قياسا سقيما ولم يدروا انّ من صار بالفعل لا يمكن ان يصير بالقوّة ، والاعادة في الدّنيا لا تكون الّا بجعل ما بالفعل بالقوّة ، وامّا الرّجعة الى الدّنيا الّتى ذكرت في الاخبار بنحو الإجمال وقال بها الفقهاء رضوان الله عليهم واحياء الأموات الّذى نسب الى الأكابر فهي ليست بجعل ما بالفعل بالقوّة وانّما هي توسعة من الكامل في وجود الميّت (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) تبّع اسم لملك اليمن ولا يسمّى بهذا الاسم الّا من كان حميريّا والتّبابعة جمعه وسمّى تبّعا لكثرة اتباعه أو لاتّباعه سائر ملوك اليمن ، وتبّع هذا هو الّذى سار بالجيوش وأتى سمرقند فهدمها ثمّ بناها ، وقيل : بناها اوّلا وكان إذا كتب كتب باسم الّذى ملك برّا وبحرا وضحا وريحا ، وعن النّبىّ (ص): لا تسبّوا تبّعا فانّه كان قد أسلم ولذلك ذمّ قومه ولم يذمّه ، وقيل : قال للأوس والخزرج : كونوا هاهنا حتّى يخرج هذا النّبىّ (ص) امّا أنا لو أدركته لخدمته وخرجت معه (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كقوم نوح وعاد وثمود يعنى انّهم كانوا أحسن أحوالا بحسب الدّنيا منهم ، كانوا