بِها) اى فيها أو بسببها (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) عذابا يكون سببا للهوان فيكون مضاعفا لانّه يكون عذاب الجسم والنّفس (بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) والمراد بالاستكبار الظّهور بالانانيّة وتحقير الخلق ، وبالفسق الخروج من طاعة من ينبغي ان يطاع (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ) اى أخا قبيلة عاد وهو هود (ع) والجملة معطوفة باعتبار المعنى كأنّه قال : اذكر الّذى حملته أمّه كرها ، واذكر الّذى قال لوالديه : افّ واذكر أخا عاد (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) جمع الحقف بالكسر وهو الرّمل المستطيل المرتفع المشرف ، أو الرّمل العظيم المستدير أو المعوّج ، والأحقاف اسم لبلاد قوم هود وقد اختلف في تعيينها ، قال القمّىّ : هي من الشّقوق الى الأجفر وهي اربعة منازل ، وفي المجمع : هو واد بين عمان ومهرة ، وقيل : رمال فيما بين عمان الى حضرموت ، وقيل : رمال مشرفة على البحر بالشّجر من اليمن ، وقيل : ارض خلالها رمال (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) اى الرّسل (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) اى قبله وبعده (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) مقداره أو بلاؤه (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) لتصرفنا (عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب من الله (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في ادّعاء الرّسالة والوحي إليك وتوعيد العذاب (قالَ) النّذير أو هود (إِنَّمَا الْعِلْمُ) بوقت العذاب (عِنْدَ اللهِ) لا علم لي بوقته حتّى أخبركم به أو اعاجلكم به ، وهو كناية عن كون العذاب بقدرة الله لا بقدرته بحسب رسالته (وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) وهذه وأمثالها خروج عن الانانيّة وإظهار للعجز عن التّصرّف في ملك الله وعباده وهو شيمة الأنبياء والأولياء (ع) (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) تغمرون في الجهل أو تتّصفون بالجهل أو تجهلون انّ الرّسل بعثوا بالرّحمة لا بالعذاب ولذلك يتوعّدون ويتأتّون فيما يتوعّدون (فَلَمَّا رَأَوْهُ) رأوا الموعود (عارِضاً) سحابا عارضا في الأفق (مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) قال الملائكة أو هود أو الله (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) من العذاب (رِيحٌ) بدل من ما (فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ) التّدمير المبالغة في الإهلاك (كُلَّ شَيْءٍ) من الأنفس والأموال (بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) قرئ بالتّاء الفوقانيّة مبنيّا للفاعل ، أو المفعول ، وبالياء التّحتانيّة مبنيّا للمفعول ، ومساكنهم على حسبه والمعنى لا ترى الّا سكونهم أو محلّ سكناهم (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) قد مضى قصّتهم في سورة الأعراف وسورة هود (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) ان نافية أو شرطيّة محذوفة الجواب (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً) كما جعلنا لكم ذلك (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) من عذاب الله أو من شيء من الإغناء فلا تغترّوا أنتم بسمعكم وأبصاركم وافئدتكم ودقّة تدبيركم بها (إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ) كما كنتم تجحدون بها (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) اى وزر القول والعمل الّذى كانوا به يستهزؤن أو العذاب الّذى كانوا به يستهزؤن (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) كقرى ثمود وقوم لوط وشعيب (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) القوليّة والكتبيّة في ألفاظ ونقوش مختلفة والآيات التّكوينيّة الآفاقيّة والانفسيّة في أزمان مختلفة وامكنة متعدّدة وصور مختلفة (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) اى آلهتهم الّتى متقرّبون بها الى الله ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله يعنى ان كان هؤلاء الآلهة شفعاءكم وينصرونكم