سبعة نجهد على ان نقلب ذلك الباب فما استطعنا ، ونقل عنهم انّ عليّا (ع) حمل الباب يوم خيبر حتّى صعد المسلمون عليه فافتتحوها وانّه حرّك بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا ، وروى من وجه آخر انّه اجتمع عليه سبعون رجلا فكان جهدهم ان أعادوا الباب ، ورووا عن ابى ليلى قال : كان علىّ (ع) يلبس في الحرّ والشّتاء القباء المحشوّ (١) الثّخين وما يبالي الحرّ فأتاني أصحابي فحكوا ذلك لي فقالوا : هل سمعت في ذلك شيئا؟ ـ فقلت : لا ، فقالوا : فسل لنا أباك عن ذلك ، فانّه يسمر معه فسألته فقال : ما سمعت في ذلك شيئا فدخل على علىّ (ع) فسمر معه ، ثمّ سأله عن ذلك ، فقال : أو ما ـ شهدت خيبر؟ ـ قلت : بلى ، قال: فما رأيت رسول الله (ص) حين دعا أبا بكر فعقد له ثمّ بعثه الى القوم فانطلق فلقي القوم ثمّ جاء بالنّاس وقد هزم؟ ـ فقال : بلى ، قال : ثمّ بعث الى عمر فعقد له ثمّ بعثه الى القوم فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثمّ رجع وقد هزم ، فقال رسول الله (ص) : لاعطينّ الرّاية اليوم رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله يفتح الله على يده كرّارا غير فرّار ، فدعاني فأعطانى الرّاية ثمّ قال : اللهمّ اكفه الحرّ والبرد ، فما وجدت بعد ذلك حرّا ولا بردا ، وقال صاحب المجمع : هذا كلّه من كتاب دلائل النّبوّة للإمام ابى بكر البيهقىّ ، ثمّ لم يزل رسول الله (ص) يفتح الحصون حصنا حصنا حتّى انتهوا الى حصن الوطيخ والسّلالم وكان آخر حصون خيبر وحاصرهم رسول الله (ص) بضع عشرة ليلة ، قال ابن إسحاق : ولمّا افتتح القموص حصن ابن ابى الحقيق أتى رسول الله (ص) بصفيّة بنت حىّ بن اخطب وبأخرى معها فمرّ بهما بلال وهو الّذى جاء بهما على قتلى من قتلى يهود ، فلمّا رأتهم الّتى معها صفيّة صاحت وصكّت وجهها وحثت التّراب على رأسها فلمّا رآها رسول الله (ص) قال اعزبوا عنّى هذه الشّيطانة وامر بصفيّة فحيّزت (٢) خلفه وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون انّه قد اصطفاها لنفسه ، وقال لبلال : لمّا رأى من تلك اليهوديّة ما رأى انزعت منك الرّحمة يا بلال؟ ـ حيث تمرّ بامرأتين على قتلى رجالهما؟ ـ وكانت صفيّة قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الرّبيع بن ابى الحقيق انّ قمرا وقع في حجرها فعرضت رؤياها على زوجها ، فقال : ما هذا الّا انّك تتمنّين ملك الحجاز محمّدا (ص) ولطم وجهها لطمة اخضرّت عينها منها ، فأتى بها رسول الله (ص) وبها اثر منها فسألها رسول الله (ص) منها فأخبرته وأرسل ابن ابى الحقيق الى رسول الله (ص) انزل فاكلّمك قال : نعم ، وصالح رسول الله (ص) على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة وترك الذّريّة لهم ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم ويخلّون بين رسول الله (ص) وبين ما كان لهم من مال وارض على الصفراء والبيضاء والكراع والحلقة وعلى البزّ (٣) الّا ثوب على ظهر إنسان ، وقال رسول الله (ص) تبرّأت منكم ذمّة الله وذمّة رسوله ان كتمتموني شيئا فصالحوه على ذلك ، فلمّا سمع أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا الى رسول الله (ص) ان يسيرهم ويحقن دماؤهم ويخلّون بينه وبين الأموال ، ففعل وكان ممّن مشى بين رسول الله (ص) وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود فلمّا نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله (ص) ان يعاملهم الأموال على النّصف وقالوا : نحن اعلم بها منكم وأعمر لها ، فصالحهم رسول الله (ص) على النّصف على انّا إذا شئنا ان نخرجكم أخرجناكم ، وصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكان اموال خيبر فيئا بين المسلمين وكانت فدك خالصة لرسول الله (ص) لانّهم لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب ، ولمّا اطمأنّ رسول الله (ص) أهدت له زينب بنت الحارث بن سلام وهي ابنة أخي مرحب شاة مصليّة (٤) وقد سألت اىّ عضو من الشّاة احبّ الى رسول الله (ص) فقيل لها : الذّراع فأكثرت فيها السّمّ وسمّت سائر الشّاة ثمّ جاءت بها ، فلمّا وضعتها بين يديه تناول الذّراع فأخذها فلاك منها مضغة وانتهش (٥) منها ومعها بشر بن البراء بن معرور فتناول عظما فانتهش منه ، فقال رسول الله (ص) : ارفعوا أيديكم فانّ كتف هذه الشّاة تخبرني انّها مسمومة ثمّ دعاها فاعترفت ، فقال : ما حملك على ذلك؟ ـ فقالت : بلغت من
__________________
(١) ممتلئ بالقطن.
(٢) تحيّز انحصر في مكان.
(٣) البزّ ثياب الكتان أو القطن.
(٤) اللّحم المشوىّ.
(٥) اى ، صار مسموعا ، من نهشه الحيّة.