عيسى بن موسى بن محمد بن عليّ العباسيّ ، فلما بلغ أميرها داود ذلك ، جمع موالي بني العباسي وعبيد حوائطهم (١).
ذكر خروج داود بن عيسى من مكة
وكان مسرور الخادم قد حجّ في تلك السنة في مائتي فارس ، فقال لداود : أقم لي شخصك أو شخص بعض ولدك ، وأنا أكفيك قتالهم.
فقال داود : لا أستحلّ القتال في الحرم ، ولئن دخلوا من هذا الفجّ لأخرجنّ من الفجّ الآخر. فقال : تسلّم مكة وولايتك إلى عدوّك؟ فقال داود : أيّ حال لي؟ والله لقد أقمت معكم حتى شخت ، فما وليت ولاية ؛ حتى كبرت وفني عمري ، فولّوني من الحجاز ما فيه القوت. وإنّما هذا الملك لك ولأشباهك ، فقاتل عليه أو دع.
ثم انحاز داود إلى جهة المشاش بأثقاله ، فوجّه بها على درب العراق ، وافتعل كتابا من المأمون بتولية ابنه محمد بن داود على صلاة الموسم ؛ وقال له : أخرج فصلّ بالناس بمنى الظّهر والعصر والمغرب والعشاء ، وبت بمنى ، وصلّ الصبح ، ثم اركب دوابّك فانزل طريق عرفة ، وخذ على يسارك في شعب عمرو حتى تأخذ طريق المشاش ، حتى تلحقني ببستان ابن عامر.
ففعل ذلك ، فخاف مسرور وخرج في أثر داود راجعا إلى العراق ، وبقي الوفد بعرفة. فلمّا زالت الشمس حضرت الصلاة ، فتدافعها قوم من أهل مكة ، فقال أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقيّ (٢) ، وهو المؤذّن وقاصّ الجماعة : إذا لم تحضر الولاة يا أهل مكة ، فليصلّ قاضي مكة محمد بن عبد الرحمن المخزوميّ ، وليخطب بهم.
قال : فلمن أدعو ، وقد هرب هؤلاء ، وأطلّ هؤلاء على الدخول؟
قال : لا تدع لأحد.
__________________
= خلدون ٣ / ٢٤٣.
(١) أي عبيد مزارعهم وبساتينهم.
(٢) في تاريخ الطبري ٨ / ٥٣٢ «الردميّ».