خيول من خيول الأمين من الأعراب وغيرهم إلى الحسين ، فاقتتلوا اقتتالا شديدا ، ثم استظهر عليهم الحسين وتفرّقوا. فخلع الحسين محمدا لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب ، وبايع المأمون من الغد ، ثم غدا إلى محمد.
حبس الأمين وأمّه في قصر المنصور
فوثب العبّاس بن موسى بن عيسى الهاشميّ فدخل قصر الخلد وأخرج منه محمدا إلى قصر المنصور ، فحبسه هناك إلى الظهر. وأخرج أمّه ، أمّ جعفر ، بعد أن أبت ، وقنعها بالسّوط وسبّها (١) ، وأدخلت إلى قصر المنصور (٢).
خطبة محمد بن أبي خالد لاعتزال الحسين بن عليّ
فلمّا أصبح الناس من الغد طلبوا من الحسين بن عليّ بن عيسى بن ماهان الأرزاق ، وقد ماج الناس بعضهم في بعض. وقام محمد بن أبي خالد كبير الأبناء بباب الشام فقال : أيّها الناس ، والله ما أدري بأيّ سبب تأمرّ الحسين علينا؟ والله ما هو بأكبرنا سنّا ، ولا أكرمنا حسبا ، ولا أعظمنا منزلة وغناء. وإنّ فينا من لا يرضى بالدّنيّة ، ولا ينقاد بالمخالفة ، وإني أوّلكم نقض عهده ، وأنكر فعله ، فمن كان رأيه رأيي فليعتزل معي (٣).
وقام أسد الحربيّ فقال نحو مقالته (٤).
خطبة الشيخ الكوفي وإخراج الأمين من حبسه
وأقبل شيخ كبير من أبناء الكوفة فصاح : اسكتوا أيّها النّاس ؛ فسكتوا له ، فقال : هل تعتدون (٥) على محمد بقطع أرزاقكم؟ قالوا : لا! قال : فهل قصّر بأحد من أعيانكم؟ قالوا : ما علمنا! قال : فهل عزل أحدا من قوّادكم؟
__________________
(١) عند الطبري ٨ / ٤٢٩ «وساءها».
(٢) خلاصة الذهب ١٨١ ، نهاية الأرب ٢٢ / ١٧٨ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٣٦ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٣٦ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٢٦٠ ، التنبيه والإشراف ٣٠١.
(٣) تاريخ الطبري ٨ / ٤٢٨ ـ ٤٣٠ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، المعارف ٣٨٥.
(٤) الطبري ٨ / ٤٣٠ ، ابن الأثير ٦ / ٢٦٠.
(٥) هكذا في الأصل ، وتاريخ الطبري ، والكامل ، وفي العيون والحدائق ٣ / ٣٢٩ «تغدرون».